أ.د.عثمان بن صالح العامر
فضلاً عن الدور الخدمي الذي تفي به وتحققه المباني والمنشآت الحكومية فإن لها دوراً حضارياً هاماً، إذ يقرأ السائح اليوم جوانب عديدة من الفن العماري الذي خلدته السنون الماضية لحضارات كانت يوماً ما في هذا الجزء من العالم أو ذاك، سواء تمثَّل ذلك في دور العبادة والمقابر، أو البرلمانات والمجالس، أو القصور والدور، يعرف هذا جيداً ويدرك حقيقته من زار الأندلس (إسبانيا حالياً) أو اسطنبول أو موسكو أو مصر أو الدول الأوروبية عموماً أو غيرها من بلاد الكرة الأرضية التي سكنها الإنسان وزرع فيها أثراً ما زال حياً شاخصاً رغم تقادم الزمان، وفي هذا العهد الزاهر المبارك لبلادنا المملكة العربية السعودية كان التركيز بشكل رئيس على عمارة المساجد وخصوصاً الحرمين الشريفين وقباء والقبلتين و...، وكذا المستشفيات والجامعات التي تنتشر في جميع مناطق المملكة بلا استثناء وعلى مساحات شاسعة من أرض الوطن، وهذا يعني أن الأجيال القادمة والسائح الخارجي في عالمنا المعاصر سيخرج بقناعة لا شك فيها أن هذه الثلاثة (المساجد والمستشفيات والجامعات) تعكس البعد الحضاري الذي نتمثّله في وطن العز، والقائم على الاهتمام بالإنسان (روحياً وعقلياً وجسدياً)، ولا يستلزم من هذا القول التقليل من شأن البقية الباقية التي تعكس التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة سواء المنشآت السياحية والترفيهية أو الملاعب الرياضية أو المباني الخدمية أو القصور والدور أو الطرق والمخططات. وحتى أدلل وأبرهن على شيء مما ورد أعلاه، كنت بالأمس القريب في زيارة لسعادة رئيس جامعة حائل الدكتور: بدر بن شجاع الحربي في مكتبه بالمدينة الجامعية، وعلى وجه التحديد في الدور السادس عشر من البرج الإداري، الذي يحكي شيئاً مما توليه بلادنا العزيزة للعملية التعليمية لقناعاتها التامة بأهمية البيئة الإدارية كما هو الحال إزاء القاعات التدريسية سعياً لإنجاح وتميز العطاء الأكاديمي داخل أروقة الحرم الجامعي.
لقد صارت مدننا الجامعية أنموذجاً حضارياً رائعاً قلَّ أن تجد له مثيلاً عالمياً، فقد سبق وأن تشرَّفت بزيارة جامعات عالمية خارجية ولم أشاهد مثل ما هو لدنيا سواء مقار القاعات الدراسية داخل مباني الكليات المختلفة، أو الملاعب والخدمات المساندة، أو البرج الإداري الذي أسرني بصدق في روعة تصميمه، وتحقيقه الوفاء بجمع جميع الإدارات والعمادات المساندة فضلاً عن رئيس الجامعة والوكلاء في مكان واحد مما يسهّل الأداء الإداري، ويحقق التناغم والتكامل بين أعمال الموظفين، ويسرِّع في إنجاز المعاملات بسهولة ويسر.
لقد كان يوم الثلاثاء 30 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 7 يونيه 2005م، حداً فاصلاً بين عهدين لأرض مساحتها (9,041,025م2)، إذ منذ صدر المرسوم الملكي القاضي بتأسيس جامعة حائل والعمل الإنشائي على قدم وساق حتى أضحت الجامعة جوهرة تتلألأ في أرض الجبلين، يقصدها طالب العلم من كل مكان، وهي اليوم تشارف على الاكتمال ولم يتبق لهذا العقد اللؤلئي الرائع أن يأخذ صورته النهائية إلا (المستشفى الجامعي) الذي سبق وأن أقر من قبل قيادتنا الحكيمة ونفذ منه المرحلة الأولى على ما أظن والحاجة لإكماله ماسة، حتى تتحقق الاستفادة القصوى من أساتذة الكليات الصحية في الجامعة، ويتدرب فيه طلاب وطالبات هذه التخصصات النوعية المتميزة، ويتعالج فيه طالب الشفاء من الله أولاً ثم من أصحاب الاختصاص، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.