أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
1/ أجدى السحابُ: أمطر:
قال ابن أخت تأبّط شرّا يرثيه (حماسة أبي تمام 402):
غيثُ مزنٍ غامرٌ حينَ يُجدي
وإذا يسطو فليثٌ أَبَلُّ
الفعل (يُجدي) فسّره المرزوقي بأنه من الجَدْوَى، وهي العطيّة، قال محمود شاكر في (النمط الصعب 191): «هذا لغو وفساد، وإنما حملهم عليه اقتصارُ أصحاب اللغة وأصحاب المعاجم على هذا المعنى، فقالوا: أجدى فلان؛ إذا أعطى عطية.... وأجدى بمعنى أعطى إنما أُخذ من الجدا، وهو المطر، فينبغي أن يقال هاهنا أيضا إنه يقال من الجدا وهو المطر: أَجْدَى، بمعنى أمطر، كما قالوا من المطر: أمْطَرَ، وهو اشتقاق صحيح لا قادح فيه، وهذا البناء بهذا المعنى لم تذكره كتب اللغة، ولكنه ينبغي أن يقيّد ويزاد عليها، وشاهده من كلام العرب هذا البيت».
2/ تحملج:
قال الشّمّاخ بن ضِرار الذبياني (ديوانه 247):
رَعَتْ بارِضَ الوسميِّ حتى تَحَمْلَجَتْ
وطُيِّرَ عنْ أقرابِهِنَّ عقيـقُ
لم يرد الفعل المزيد بالتاء (تحملج) في المعاجم، وفيها المحملج، والمُحَمْلَجة من الحمير: الشَّدِيدَة الطيّ والجدل. والمحملج الشديد الفتل، وفعله حَمْلَجَ، فليستدرك الفعل تحملج، فإن قيل إنه مطاوع حملج، (حملجه فتحملج)، أقول: إن المعاجم تذكر أفعال المطاوع مثل تدحرج وتكسّر وانفطر، ونحوها.
3/ حمَّسَه يُحمّسه بمعنى شجّعه وبث فيه روح الحماسة:
ذكر المعجميون أن معنى أحمسه وحمّسه تحمسيا: أغضبه، ولم أجد في المعاجم معنى: شجَّعه وبثّ فيه روح الحماسة، مع أن هذا المعنى هو الشائع اليوم، وقد وقفتُ على شاهد لهذا المعنى في عيون الأخبار لابن قتيبة، من كلام ابن عباس في علي -رضي الله عنهم- وهو قوله: وكأنّ عينيه سراجا سليطٍ، وهو يحمّس أصحابه، أي يشجّعهم ويبثّ فيهم روح الحماسة.
وفي السيرة النبوية لابن كثير: «قال ابن إسحاق: قال أبو دجانة: رأيت إنسانا يحمس الناس حمسًا شديدا فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول فاذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة»، وفي سيرة ابن هشام بلفظ: «رَأَيْتُ إنْسَانًا يَخْمُشُ النَّاسَ خَمْشًا شَدِيدًا».
وفي الإملاء المختصر لابن أبي الركب: «وقوله: يحمس الناس. من رواه بالسين المهملة فمعناه يشدهم ويشجعهم، مأخوذ من الحماسة وهي الشجاعة، ومن رواه بالشين المعجمة، فمعناه يحضّهم ويهيج غضبهم»، ولم يرد في المعاجم هذا المعنى في حَمَّسَ المضعف وفي حَمَسَ غير المضعف، وإنما ورد: حَمَسَ فلانًا وحَمَّسَه: أغضبه. فليستدرك.