د. أحمد محمد القزعل
أطيب العطر هو الماء مصطلح إبداعي يعبّرعن فكرة نقاء وبساطة الماء وأهمّيّته للمخلوقات في هذه الحياة، حيث يرمز الماء إلى الطّهارة والنّظافة في العديد من الثقافات كما يُعتبر الماء رمزاً للنّقاء والتّجدد، وإذا قمنا بمقارنة بسيطة بين الماء والعطر سوف نجد أنّ الماء هو العطر الحقيقيّ للإنسان، فالعطر قد يغطي الرّوائح لكنه لا ينظف الجسم حيث إن النّظافة الشّخصيّة تتطلب الماء والصابون لإزالة الأوساخ والبكتيريا، والعطرلا يوفر التّرطيب أو التّغذية الّتي يحتاجها الجسم، أمّا الماء فيحافظ على ترطيب الجسم وصحة الجلد والأعضاء الداخليّة، والعطور تحتوي على كحول ومواد كيميائيّة، ويمكن أن تكون ضارة إذا استخدمت بكميات كبيرة أو بشكل غير صحيح، فالاستحمام أو غسل الجسم بالعطر يمكن أن يسبب تهيج الجلد أو حساسية خطيرة..
هذا، ويشكل الماء حوالي 60 % من جسم الإنسان وهو ضروريّ لجميع الوظائف البيولوجيّة بما في ذلك الهضم والامتصاص وتوزيع المغذيات وتنظيم درجة الحرارة، كما أنّ الماء مهم للحفاظ على النظافة الشّخصيّة والصحة العامّة وهو ضروريّ للزراعة ونموّ المحاصيل وتربية الحيوانات، وعلى الرغم من أن المياه تغطي حوالي 70 % من سطح الأرض، فإن المياه العذبة الصّالحة للشّرب والاستخدام تشكل نسبة صغيرة جداً؛ لذلك فمن الضّروري الحفاظ على هذه الموارد المائيّة المحدودة خاصّة مع تزايد عدد السكان وتوسع المدن، كما أن التّغيرات المناخيّة تؤثر على أنماط هطول الأمطار وتوزيع المياه، مما يزيد من أهمّيّة الحفاظ على الموارد المائيّة لمواجهة فترات الجفاف والتغيرات المناخية غير المتوقّعة، ومن أهم طرق المحافظة على الماء استخدام الأجهزة الموفرة للماء وإصلاح التسريبات واستخدام تقنيات الري بالتّنقيط وتحديد أوقات الرّي المناسبة لتجنب التّبخر السريع، مع أهمّيّة نشر الوعيّ بأهمية المحافظة على الماء وتشجيع الممارسات المستدامة بين الأفراد والمجتمعات.
كما يعتبر الماء نعمة من نعم الله على خلقه، وورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتحدّث عن فضل الماء وأهمّيّته فقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ} (الواقعة: 68-69)، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (30) سورة الأنبياء، كما أنّ الماء عنصر أساسيّ للطّهارة في الإسلام، حيث يتم استخدامه للوضوء والاغتسال، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} المائدة: 6، هذا ويعتبر توفير الماء من أفضل الأعمال الخيريّة في الإسلام، حيث إنّ حفر الآبار وتوفير المياه النّظيفة للنّاس والحيوانات من أعمال الخير الّتي يثاب عليها المسلم، وقال عليه الصّلاة والسّلام: (أفضل الصّدقة سقي الماء) (رواه أحمد وأبو داود).
فالماء هو العنصر الأساسيّ لكلّ الكائنات الحية وله قيمة عظيمة وأساسيّة في الحياة سواء كان ذلك للإنسان أو للنّظام البيئيّ ككلّ، وهو عامل حيويّ يدعم جميع جوانب الحياة ويجب المحافظة عليه لضمان استدامته للأجيال القادمة.