د.نايف الحمد
أنهى الهلال مرحلة مهمة في مشواره هذا الموسم قبل التوقف الطويل لمشاركة المنتخب في كأس العرب، بفوز عريض على النادي النموذجي القادم من الإحساء، فريق الفتح العنيد، برباعية تفنّن نجوم الزعيم العالمي في تسجيلها، وقدموا لوحة فنية باهرة، خاصة في شوط المباراة الأول الذي قضى فيه الزعيم على آمال الفتح في العودة للمباراة بتسجيله ثلاثية مبكرة، حوّلت اللقاء إلى سيرك كروي وحفلة وداع قدّم فيها أبناء إنزاغي لجماهيرهم قبل التوقف عرضاً مشوّقاً وسهرة كروية بديعة.
في مباراة الفتح الأخيرة، كان الجميع ينتظر ما ستسفر عنه، وكيف ستكون أحداثها، ولاسيما بعد لقاء الفريقين في الدوري قبل بضعة أيام والانتصار الصعب الذي حققه الهلال في اللحظات الأخيرة من ركلة جزاء.. غير أن الموج الأزرق بقيادة مدربه العالمي إنزاغي فهم الدرس جيداً واستعد لهذه المواجهة كما ينبغي، ولم يمهل مدرب الفتح غوميز أو يمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه، وقرر أن يُنهي هذه المرحلة من الموسم بأفضل طريقة، محققاً انتصاراً كبيراً مقروناً بمستوى مبهر، ليرد على منتقديه ممن لم يكتفوا بالنتائج المميزة وطالبوا بالمستوى مقروناً بالنتيجة.
أعتقد أن هذه المطالبة لم تكن واقعية بالنظر إلى الظروف المختلفة التي مرّ بها الفريق؛ فأسلوب المدرب جديد على اللاعبين، وفترة الإعداد كانت قصيرة، إضافة إلى تلاحق الإصابات وضغط المباريات، وهي أسباب كافية لمنح المدرب المزيد من الوقت ليصل بالهلال إلى المستوى الكبير الذي تطمح إليه الجماهير الهلالية العاشقة، خاصة أن الفريق يتطور من مباراة إلى أخرى.
الهلال هذا الموسم مع مدربه الإيطالي إنزاغي بات يقدم هوية عالمية وكرة حديثة تتسم بالصرامة الدفاعية والشراسة الهجومية، مع مرونة تكتيكية تتوافق مع العناصر المتاحة دون الالتزام بنهج واحد. كما يمتلك القدرة على توظيف اللاعبين بحسب احتياجات الفريق، وإظهار أفضل ما لديهم، واستثمار كل عوامل التفوق المتاحة، والعمل بواقعية والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي ربما تكون هي الفارق عن بقية المنافسين في نهاية المطاف.
بهذه الهوية الجديدة، خطا الزعيم العالمي خطوات واسعة نحو تأسيس مدرسة حديثة في عالم كرة القدم، من خلال الأساليب التكتيكية المبتكرة والعمل بأفكار خلاّقة، وصياغة كرة هلالية سعودية حديثة ستغيّر كثيراً من المفاهيم التقليدية في الوسط الرياضي السعودي.. وإذا ما وجد السيد إنزاغي الدعم الكافي من مسيّري النادي وجماهيره العريضة، فسيُحدث فروقاً واضحة عن بقية منافسيه، وسنرى في نهاية الموسم فريقاً مرعباً يصعب إيقافه. لكن ذلك مشروط بعدة عوامل واعتبارات أتمنى أن تتحقق لنستمتع بكرة حديثة ونقلة نوعية في عالم التدريب في ملاعبنا السعودية.
نقطة آخر السطر
ما قدّمه السيد إنزاغي هذا الموسم -وبالأرقام- يعد أمراً رائعاً بكل المقاييس؛ فقد حقق الفوز في 15 مباراة وتعادل في مباراتين أمام فريقين منافسين، وهو الفريق الوحيد الذي لم يخسر. كما يمتلك سلسلة انتصارات بلغت 13 انتصاراً، مع الأخذ بالاعتبار أن الفريق عانى من كثرة الإصابات، ولا يكاد يخوض مباراة دون نقص، بل إن المدرب يقوم بالتدوير إلى حد إراحة 5 أو 6 لاعبين في بعض المباريات، ومع ذلك يحقق النتائج، وذلك يعطينا مؤشرات تؤكد أن الفريق سيذهب بعيداً هذا الموسم - بإذن الله .