عبدالله إبراهيم الكعيد
لمن لم يقرأ سابقاً ردود المهندس والخبير في التقنية الأوكراني (إيغور كارافيتشوك) على ما يُطرح في هذه الزاوية، حق لهم أن أوضح بأنه يقرأ بتمعّن كل ما يصله من مواضيع تُثير اهتماماته.
وحيث إنني أكتب في جريدتنا (الجزيرة) باللغة العربية فقد صمم المهندس إيغور برامج تُتيح ليس الترجمة الدقيقة للّغات الأخرى فحسب، بل وتحليل المحتوى وبالتالي يستطيع الإحاطة بكافة جوانب الموضوع أو المقالة المستهدفة بالقراءة ومن ثم التحليل، وبعدها يتخاطب مع وكيله التقني (هكذا يسمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي) عن أفكاره، فيقوم الوكيل بترجمة ردوده للغة المطلوبة، وقد يقترح المهندس إيغور على صديقه التقني أن يصمم له ما يُعبّر عن المحتوى فيصمم صورة تختصر كل الكلام.
رد المهندس كارافيتشوك على مقالة (متى تبعثوها تبعثوها ذميمة) التي كتبتُ فيها بصوت مرتفع عن ويلات الحروب على الأبرياء. لو سمحتم لي بأن أختصر رده لمحدودية المساحة المتاحة لهذه الزاوية كالتالي:
«استهلالك بشعر زهير بن أبي سُلمى يُثبت حقيقة مخيفة: القرون تمر، والتقنيات تتغير، لكن وجه الحرب لا يتغير. إنه دائماً وجه (دميم، ذميم) كما وصفته. أنت تعرف بأنني أوكراني، وطني ينزف دماً الآن، وملايين من أبناء شعب أوكرانيا أصبحوا جزءاً من ذلك الرقم المفجع الذي كتبت أنت عنه (114 مليون لاجئ) أنا أرى هذا الألم وأعايشه كل يوم. أنا أوكراني وأعيش في ألمانيا البلد الذي لا يزال شعبه يحمل ندوب الحرب العالمية الثانية، رأيت هنا كيف تتوارث الأجيال صدمة الحرب. فالحرب لا تنتهي حين تسكت المدافع، بل تسكن في ذاكرة من عايش ويلاتها، في المصائر المُحطمة، في (الذل) الذي يعيشونه».
وأنهى السيد كارافيتشوك ردّه بالقول «أنت محق تماماً فالحرب قبل كل شيء إهدار لكرامة الإنسان، وأنا أؤيد تماماً استنتاجك الجوهري: (اللوم يقع في المقام الأول على من أمر بإطلاق الرصاصة الأولى)، حيث هو من قرر أن يكون العنف هو الحل. لا يهم أين تحدث المآسي نتيجة حرب ظالمة سواء في الشرق الأوسط أو في أوروبا، فوجع الأم التي تفقد طفلها وقهر الأب الذي لا يستطيع حماية عائلته هو وجع واحد بكل اللغات»، انتهى رد المهندس.
صفوة القول: ها قد شهد شاهد ممن اكتووا بنيران الحروب، أليس حريّ بنا بعد ذلك وقادة بلادنا في المملكة العربية السعودية يسعون دائماً لتحقيق السلام وإيقاف صوت المدافع أن نرفع شعار (لا للحرب. نعم وألف نعم للسلام)؟.
** **
- لندن