فهد المطيويع
جاءت قرعة دور الأربعة من كأس الملك على خلاف ما توقعة أكثر المؤمنين بنظريات المؤامرة، إذ أسفرت عن مواجهة الهلال بالأهلي، فيما يلتقي الاتحاد بالخلود، وهي قرعة وضعت الجماهير أمام نصف نهائي ينتظر أن يبلغ قمة الإثارة، خصوصًا في مواجهة الهلال والأهلي التي يتطلع إليها أنصار الفريقين بعد المتعة الكبيرة التي قدّمها لقاؤهما في الدور الأول من دوري روشن، عندما انتهت المباراة بالتعادل بعد تقدم الهلال بثلاثة أهداف في الشوط الأول، قبل أن يعود الأهلي ويخطف التعادل في اللحظات الأخيرة.
ورغم التفوق التاريخي للهلال في عدد الانتصارات، إلا أن ذلك لا يعني أن المواجهة محسومة مسبقًا، خاصة في ظل التحوّل الكبير الذي شهده الأهلي هذا الموسم وبات معه فريقًا مرعبًا وقادرًا على مقارعة أي خصم.
حضور الفريقين في هذا الدور جاء عن جدارة واستحقاق، فبلوغ أحدهما النهائي أمر طبيعي في سياق الموسم المميز الذي يقدمانه.
ما يثير الاستغراب، بل الاستهجان، هو يقين بعض الجماهير قبل القرعة بأن الطريق مفروش بالورود أمام الهلال للوصول للنهائي، وأنه سيواجه الخلود لا محالة.
هذه الادعاءات روّج لها إعلاميون محسوبون على ناد غادر البطولة مبكرًا، محاولين صناعة وهم جماعي مفاده أن القرعة تُفصّل تفصيلًا لخدمة الهلال.
والمؤسف أكثر أن اللجان المعنية التزمت الصمت تجاه هذا الضجيج، وسمحت لهذه السخافات بالانتشار دون رادع، وكأن الاتهام في نزاهة المسابقات أمر يمكن تجاوزه بلا مساءلة، أنا شخصيًا لا تعنيني مناوشات الجماهير، فهذه جزء من طبيعة المدرجات، لكن أن تصدر الاتهامات من إعلاميين معروفين يتابعهم جمهور واسع، فهذا أمر غير مقبول ويتطلب وقفة حازمة.
مسابقاتنا باتت تحت متابعة إقليمية ودولية، وأي اتهام عشوائي يسيء لسمعة الكرة السعودية ولطريقة إدارة مسابقاتها، ويمنح صورة مشوهة لا تعكس الجهود المبذولة لتطوير العمل الرياضي.
القرعة في نهاية المطاف كشفت كذب تلك الادعاءات، ومع ذلك سنرى الأصوات ذاتها تكرر الدور نفسه في كل مناسبة، مستمرة في صناعة الشك وبث الفتنة الرياضية في ظل غياب الرقيب. كلمات تقال بلا مسؤولية، ويراد بها باطل ، لكنها تعكس خللًا ثقافيًا في طريقة فهم المنافسة الرياضية وتعاطي الإعلاميين مع تأثير كلامهم. بصراحة صمت غريب على اتهامات خطيرة والله المستعان.
وقفة
ما زال الهلال يسير واثق الخطى تحت قيادة مدربه إنزاغي، رغم موجات الخوف وقلة الثقة التي تظهر بين الحين والآخر لدى بعض الجماهير. ندرك جميعًا أن الفريق لم يعد ذلك الفريق المرعب الذي كانت تهابه كل الفرق، ونعلم كذلك أن الهلال بحاجة إلى مهاجم يليق بتاريخه الكبير ويترجم مجهود المنظومة داخل الملعب إلى أهداف تحسم بها المباريات.
ومع ذلك، ومن باب الإنصاف، فأن الهلال ما زال يفوز ويقدم مستويات مستقرة وينافس على جميع البطولات المتاحة، وهذا في حد ذاته أمر إيجابي في هذه المرحلة الانتقالية.
الفريق، رغم كل الظروف، لم يتراجع عن مبدأ الثبات في المنافسة، ويسير بخطوات واضحة نحو تحقيق الألقاب، تمامًا كما يتمنى جمهوره العريض. كل ما يحتاجه الهلال اليوم هو الدعم الحقيقي من جماهيره، والابتعاد عن الإحباط والرسائل السلبية، فالثقة تصنع فارقًا كبيرًا في مثل هذه الفترات. الفريق يمتلك عناصر مميزة، ومدربًا يعرف كيف يدير المواجهات، وطريقه نحو البطولات لا يزال مفتوحًا.
بالتوفيق للزعيم، والقادم أجمل بإذن الله.