علي حسين (السعلي)
كتبت الدكتورة نورة بن سعيد القحطاني منشورًا عنونته بـ «من عجائب هذا الزمن»، وإليكم ملخص ما أبدعت في تشخيص الحالة الأدبية والثقافية في بعض المواقع المعنية بالأدب والنشر والترجمة:
تكتب رواية واحدة (يتيمة) لم تسلم من ضعف فني مرتبط بالتجربة الأولى، فتتحول في نظر بعض المنظمين إلى مدرب في ورشة تدريبية لكتابة الرواية، تقدم ديوانك الأول في أمسية عابرة أو قصتك القصيرة الأولى في مسابقة فتصبح مدرباً في فن الكتابة الإبداعية إسنادُ مهامّ التدريب الأدبي إلى أقلامٍ لا تزال في بداياتها، مع تهميش أصحاب التجارب العميقة والمتراكمة، ليست مسألة إدارية عابرة في بعض المهرجانات، بل خلل في بنية المشهد الثقافي برمّته.
في السنوات الأخيرة، صارت بعض منصات التدريب والورش الأدبية تتعامل مع الخبرة كأنها عبءٌ لا ميزة: يُستبعَد الكُتّاب الذين راكموا أعمالًا عديدة ومتنوعة، وجرّبوا أشكالاً مختلفة من الكتابة، واحتكّوا بالقراء والنقّاد، لصالح أسماء جديدة لم تختبر بعد قسوة السؤال النقدي ولا صرامة السوق ولا ضغط المسؤولية تجاه النص).
الحقيقة تأتي أهمية ما كتبته الدكتورة نوره القحطاني وهي أكاديمية وكاتبة في تشخيص الحالة الثقافية عندنا على وجه الخصوص، حيث فنّدت مكامن الخلل وحددته وربما عالجته ضمن نقدها البنّاء بصراحة، في حين غاب عن الكثير كتابته إحجامًا أو استحياءً أو جرأته، فالدكتورة نوره كتبته على صفحتها والأعجب والأغرب معًا هو كثرة الردود المؤيدة لما كتبته الدكتورة نورة. ومقالي هذا الأسبوع ينقسم لقسمين مؤيد جدًا لما كتبته لعدة أمور منها:
أولاً: كل مَنْ كتب قصيدة أو نشر ديوان شعر أصبح ذاك الشاعر الكبير الذي يشار له بالبنان، والأدهى من ذلك غياب النقد عن مثل هذه الدواوين الهشّة التي لا تعرف كنهها هل هي ضمن أشكال الشعر الكلاسيكي التفعيلة الشعر الحر أم قصيدة النثر؟ بل لا تستطيع أن تمسك بأي شكل تعبيري كتبه أصحابها، ومع ذلك نرى بأمّ أعيننا ذاك الشاعر وديوانه اليتيم «بيضة ديك» ضمن من يقدمون دورة تدريبية في فن كتابة الشعر أو ورشة للمبتدئين، والمتابع الحاذق والناقد والمثقف والأديب يقرأ الأسماء مندهشًا من هذا الشاعر وكيف يقدم ورشة تدريبية وهو لا يعرف ألف باء جيم القوافي ولا بحور الشعر الستة عشر ولا أخفشها بزيادة بحر شعري عليها! مَنْ سمح بهذا العبث وكيف تم اختياره، وهناك من لديهم تجارب قيّمة شعريًا ونقديًا ينتظرون من يتعطف عليهم لدعوتهم فضلًا عن المشاركة، ناهيك عن فن القصّة والرواية والسرد عمومًا، كم كاتب قصة أو رواية وحيدة له صار حديث المجالس ونجده في القنوات متصدرًا متحدثًا، وحين تسمع ما يقوله تهمس بينك وبين نفسك: «هذا الذي طبّل له الإعلام الثقافي صباح مساء؟ّ! «
ثانيًا: كل ما تقوم به هيئة الأدب والنشر والترجمة مقدر وهناك أبواب فتحت للمبدعين مثل معتزل الكتابة غير الجوائز الثقافية لكن الملاحظ عليهم:
1 - تصدُّر من لا يملك أدوات الإبداع سوى من يملكون حسابات يتابعونهم بالآلاف وتجدهم للأسف في الصف الأول بجانب أصحاب الخبرة وقليلي الفائدة من الذين يحبون ضوء الكاميرات تسلط عليهم.
2 - هؤلاء المشهورون ببعض التفاهة في حساباتهم يوقع كتابه الأول المهترئ وحولهم ضحاياهم داعمين بلا تفكير أو حتى قراءة ما يأخذون نسخة منه فقط لأنه من توقيع الكاتب الأحمق فقط!.
3 - لماذا نستكتب مشهورًا نجح في مواقع اجتماعية وعندما نراه تلفازيًا فشل أتعلمون السب لماذا ؟ لأنهم لا يملكون أدوات الثقافة ولا الأدب بل تهريج وللأسف قلة أدب، مجرد تسلية غير مفيدة وتجعل المتابع لهم يضحك سائلًا من جلب هؤلاء هنا في قنواتنا؟! أعطوني برنامجًا واحدًا استمر موسمين؟ لمثل هؤلاء المشاهير فقط موسم واحد من الصعب يتكرر وعندما يريد أن يعود في حساباته يعود فاشلًا كما بدأ.
سطر وفاصلة
اقتراحي تشكيل لجنة استشارية ثقافية تقيّم وتختار من يتصدر المشهد الأدبي لديه «كاريزما» وقبول لدى المتلقي هذا أولًا، ثانيًا لديه ما يستحق أن يقدمه وليس قصيدة أو قصة أو رواية وتختفي قبل أن يختفي هو، ولنا في رواية بنات الرياض مثلًا مع احترامي الشديد لكاتبتها.