سلمان بن محمد العُمري
المسطرة هي أداة تستخدم لقياس المسافات أو رسم خطوط مستقيمة، وتكون عادةً شريطاً مستقيماً مصنوعاً من الخشب أو المعدن أو البلاستيك مع علامات مرقمة بالسنتيمتر والبوصة، وتُستخدم بشكل واسع في الرياضيات والهندسة والرسم، بالإضافة إلى أنها تستخدم في سياقات قانونية أو إدارية للإشارة إلى «إجراء» أو «قانون» وهناك المسطرة المالية أو المحاسبية وهي نظام شامل لتسجيل وتحليل والإبلاغ عن جميع المعاملات المالية للشركة أو المؤسسة بهدف تقييم أدائها ووضعها المالي.
وكل ما سبق ليس هو ما أود الوصول إليه ولكنه تشبيه كان يطلقه الزملاء والأصحاب على زميل لهم (ناشف) لا يعرف المرونة مطلقاً فهو في علاقته مع الآخرين يمشي على خط مستقيم في كل حال وكل ظرف مما جعله يفقد من حوله تباعاً.
وأتذكر أن هذا الحال سبب له مشاكل في العمل والبيت ولولا أن الله سبحانه وتعالى قدر له من يعرف مبادئه وإلا لما بقي له أحد.
للحق أنه لم يكن في يومٍ من الأيام معتدياً ولا مفترياً على أحد، ولكنه في تعامله لا يعتبر للمشاعر قيمة كما أنه آحادي الرأي ليس لديه إلا ما يراه أمامه ولا يحيد عنه جانباً ودون انتقاء أو اصطفاف فهو دائماً على خط واحد لا يميل عنه.
مشكلة أحادية الرأي وعدم الاهتمام بالآخرين وفقر المشاعر، تؤثر بشكل عميق على العلاقات الاجتماعية والزوجية، ويمكن تلخيص تأثيرها في إصرار الفرد على رأيه ورفضه الاستماع للآخرين.
وتؤدي إلى تصادم دائم في العلاقات، حيث يشعر الطرف الآخر أن الذي أمامه غير مبالي به. والأخطر من ذلك حينما تمتد الآثار السلبية في هذه الشخصية على العلاقات الزوجية، وتُنتج شعوراً بالاختناق وعدم التقدير، مما قد يؤدي إلى برود عاطفي أو حتى انفصال نفسي.
إن انعدام المشاعر وميكنة الإنسان وعدم الاهتمام بالآخرين، يولّد شعوراً عند الطرف الآخر بأنه غير مرئي أو غير مهم، كما أنه يفقد في العلاقة عنصر التفاعل الإنساني ويضعف التواصل، في الحياة الزوجية، يجعل أحد الطرفين يشعر بأنه يؤدي دوراً وظيفياً فقط، لا عاطفياً.
وصاحب هذه الشخصية يتصف بفقر المشاعر، مما يعني غياب التعبير عن الحب أو التقدير أو الدعم، ويفقد العلاقة روحها ويجعلها جافة أو رسمية، وفي الزواج، قد يفسَّر كنوع من الرفض أو اللامبالاة، مما يؤدي إلى التفكك الوجداني.
كل هذه العوامل تضعف الروابط، وتراكمها يخلق حواجز عاطفية ونفسية يصعب تجاوزها دون وعي وتدخل.
والحل: يكون بالحوار، والوعي الذاتي، وتنمية مهارات الإصغاء، والتعبير العاطفي، والاحترام المتبادل، والتفاعل الاجتماعي وتعزيز العلاقات لهما أهمية محورية في حياة الإنسان، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو الصحية، فهناك حاجة إنسانية فطرية للإنسان بطبعه كائن اجتماعي، لا يستطيع العيش في عزلة دون أن يتأثر نفسياً، والعلاقات تشبع حاجاته للانتماء، والتقدير، والدعم.
وفي تنمية العلاقات تعزيز للصحة النفسية، فالتواصل الإيجابي مع الآخرين يقلل من التوتر، والقلق، والاكتئاب، ويمنح الفرد شعوراً بالأمان والدعم.
والنجاح في الحياة العملية، يكون مبدأه من العلاقات القوية التي تفتح أبواباً للفرص، وتساعد في بناء ثقة متبادلة، مما يسهم في النجاح المهني والاجتماعي.
ولذا على الآباء والمربين حينما يرون الانطوائية أو النرجسية عند أبنائهم أو تلاميذهم أن يعملوا على تنمية المهارات الشخصية لهم، وحثهم على التفاعل مع الآخرين وأن يطوّروا مهاراتهم عبر الحوار، والاستماع، والتعاطف، وفهم المشاعر، فهي ضرورية في جميع مجالات الحياة.
وأصحاب العلاقات الاجتماعية غير الجافة هم الأثبت والأقوى في لحظات الشدة، فوجود شبكة علاقات قوية يخفف من وقع المصائب، ويعطي الإنسان القوة للاستمرار، كما أن جودة الحياة مرتبطة بالعلاقات الاجتماعية الإيجابية حيث تُعدّ من أبرز أسباب السعادة وجودة الحياة، بحسب دراسات نفسية واجتماعية متعددة، والجفاف الاجتماعي يولد العزلة الدائمة مما يضعف النفس، في حين أن التفاعل هو الطريق الصحي فهو مصدر للطاقة، والتوازن، والنمو الإنساني.