د. سطام بن عبدالله آل سعد

قرعة كأس العالم 2026

قرعة كأس العالم 2026 وضعت منتخبنا الوطني في مجموعة لا تقبل الانطباعات، بل تُدار بالأرقام والهوية التكتيكية، فإسبانيا، الأوروغواي، السعودية، والرأس الأخضر هي مجموعة ثقيلة لأن فيها مدرستين بحجم إسبانيا والأوروغواي، لكن الأخطر أن كثيرين يتعاملون مع المنتخب الرابع بوصفه محطة سهلة، وهذا خطأ قاتل. فالرأس الأخضر منتخب إفريقي لم يصل إلى كأس العالم إلاّ وهو يملك صلابته، ويعرف كيف يجعل المباراة قصيرة ومزعجة، ويراهن على التفاصيل، كالتحول، والمرتدة، والكرات الثابتة.

ومع نظام المونديال الجديد (48 منتخبًا و12 مجموعة) ترتفع حساسية الحسابات؛ فالنجاة ليست بالضرورة أن تكون ثاني المجموعة فقط، بل أن تدير بطولة النقاط بذكاء، لأن التأهل من دور المجموعات صار أوسع مما اعتدناه. لذلك يصبح السؤال العملي الذي يجب أن يُبنى عليه العمل من اليوم: كيف نحوّل المجموعة إلى سيناريو نقاط واضح؟ وكيف نُدير مباريات المجموعة كنقاط: كيف نقلِّص المخاطر أمام إسبانيا؟ وكيف نصنع فرصة النقطة أمام الأوروغواي؟ وكيف نؤمِّن نقاطنا أمام الرأس الأخضر بلا استهتار؟ فالمونديال لا يكافئ الأداء الجميل إذا لم يتحول إلى نقاط، ولا يرحم منتخبًا يترك مصيره للصدفة أو للوقت.

كأس العرب 2025

في كأس العرب 2025 رأينا ما يُزعج عقلية الترشيحات الجاهزة: فلسطين تُسقط قطر 1-0، وسوريا تهزم تونس 1-0، والأردن يتجاوز الإمارات 2-1. هذه ليست مفاجآت للتندر، إنما درسٌ قوي. فحين تملك منتخبًا منظمًا ومتسقًا ذهنيًا وبدنيًا، تصبح الفوارق الورقية أقل قيمة داخل الملعب. هذه المنتخبات تدخل كمشروع صغير شديد الانضباط؛ هويتها التكتيكية قد تكون أبسط، لكنها أوضح عبر كتلة دفاعية متقاربة، ومسافات قصيرة بين الخطوط، وإجبار الخصم على اللعب في مناطق قليلة الجدوى، فتتحكم في شكل المباراة لا في نسب الاستحواذ. ثم تأتي التحولات بوصفها سلاحًا أقوى من الاستحواذ؛ ففي لحظة افتكاك الكرة يبدأ رهان الـ6 إلى 10 ثوانٍ، عبر تمريرة أولى نظيفة، وانطلاقات مباشرة، وقرار مبكر يمنح الهجمة معناها قبل أن يعود الخصم إلى تنظيمه. ومعها تتقدَّم اللياقة والصلابة الذهنية على المهارة. فاللعب الرجولي هنا هو القدرة على تكرار الجهد، وكسب الصراعات الثانية، ورفض الانهيار في آخر ربع ساعة.

حين تكون الرسالة واحدة والاختيار خادمًا للخطة، يتحول المنتخب إلى نظام، والنظام يهزم العشوائية، حتى لو كانت العشوائية موهوبة.