م. بدر بن ناصر الحمدان
وأنت تقرأ هذا المقال، سأكون حينها مستقلًّا عربة قطار الرياض الذي يمخر عباب العاصمة خلال شبكة عملاقة من المسارات دون تدخل بشري بفضل التقنية، الساعة تشير إلى السادسة مساءً، في طريقي لحضور أمسية على هامش مؤتمر التراث الرقمي الذي تنظمه هيئة التراث يوم غد، أجزم بأنها ستكون ليلة باذخة بالحوار حول «الميتافيرس» و«العالم الموازي» وسط جذوع النخيل وبين بيوت الطين التي قررت الصمود حتى اليوم لتقدم نفسها كأصول معاصرة وجزء من إنترنت الأشياء.
دائماً ما تثيرني التجارب الجريئة، والمبادرات التي تحمل على عاتقها تقديم شيء لم يحدث من قبل، خاصة تلك التي تخوض تحديا من نوع خاص على أعتاب مهمة شاقة من أجل إعادة تقديم التراث الثقافي رقمياً وإبقائه حاضراً في منظومة المستقبل، هذا لا يحدث سوى من لدن أشخاص قرروا الذهاب إلى أبعد بكثير مما يتوقعه الكثيرون، هكذا تصنع أجيال قادرة على قيادة التغيير.
لقد وصلت إلى المكان، أمامي مدخل يعج بالناس، والعروض التراثية، أنا متردد في الدخول، لست متأكداً بعد أن هؤلاء أشخاص حقيقيون أم أنهم جزء من مشهد «هولوجرام»، على أية حال ليس لدي خيار آخر سوى أن أكون جزءا من هذا الحدث الكبير.
ها أنا أخذت مقعدي بين الجموع، ما يحيط بي مثير للدهشة، خبراء العالم متواجدون هنا، متحمسون لعرض تجاربهم، يجلس بجانبي رئيس شركة عالمية شهيرة في الذكاء الصناعي، تراودني رغبة في لمسه للتأكد من أنه إنسان حقيقي وليس واقعا معززا، ما يحدث هنا أشبه بالخيال، لا أدرى كيف سأعود إلى المنزل، ربما سيكون عبر الزمن وليس القطار.