عبدالله إبراهيم الكعيد
لا أظن أنني بحاجة لسرد أنواع الغزو وأشكاله لأن الناس بدأت تُدرك أن الغزو ليس دبابة ولا جيشاً وعتاداً حربياً، بل في وسائل حديثة تعتمد على إعادة برمجة طريقة تفكير أفراد المجتمعات عبر أدوات جذابة خفيّة قد لا يشعر بها الناس إلا بعد أن تُحدث تغييراً في مفاهيمهم تجاه أمور الحياة وعلاقتهم بأوطانهم وحكوماتهم وأديانهم هذا غير قيمهم المجتمعية.
كنت أُفكّر في هذا الموضوع فورد إلى ذهني مباشرة حكاية وباء كورونا كيف بدأ فجأة وكيف انتهى بذات الغموض. من وراء إثارة رعب شعوب الأرض بتلك القصة الموجعة والمفجعة والتي خلَّفت الكثير من الخسائر؟ ماذا لو لم يكن هناك منصات ووسائل اتصال مثل الموجودة حالياً، هل كنَّا سنعرف بتلك الحكاية التي نجهل منها أكثر مما نعرف؟ نعم، الجميع يعترف بأن الإنترنت وبرامج الشبكة المتعددة نعمة سهّلت الكثير من أمور الحياة على البشر، لكنها بجانب ذلك أصبحت وسيلة فعَّالة لغزو الشعوب لمن يريد تحقيق مصالح على حساب صحة وأمن واقتصاد البشر في كل مكان.
السؤال: متى يُدرك الناس أنهم هدف لغزو ممنهج عبر منصات وتطبيقات السوشيال ميديا، فالخوارزميات الموجهة التي ترغب أي جهة بالتأثير على أي مجتمع لتدفعهم إلى ما لا يريدونه فعلياً ولكنهم يفعلونه دون إدراك منهم بعد أن يصبحوا تحت تأثير ذلك التوجيه الخفيّ. أما الشريحة الأكثر تأثراً فهم الأطفال عن طريق الألعاب الإلكترونية التي تحمل رسائل ثقافية وأخلاقية وحتى دينية تُزرع بهدوء داخل وعيهم. الغزو عبر الترفيه وتعلّق المراهقين بالفنانين والمغنين وتقليدهم في أزيائهم وحركاتهم وما يأكلون ويشربون.
صفوة القول: لا أظن بوجود مجتمع لم يتعرض أفراده للغزو الرقمي باختلاف الأهداف، اقتصادية لتخدم منتجات الشركات العابرة للقارات، قيمية لتكريس مفاهيم خبيثة كالمثلية الجنسية وغيرها، دينية تهدف إلى التشكيك في العقائد، وطنية بهدف زعزعة الولاء للوطن وجعل الناس تنقلب على أنظمتها لتوالي نظاماً معيناً. لهذا ألا يفترض بمراكز الأبحاث التعمّق بهذا الأمر وإيجاد الحلول الناجعة لتحصين المجتمع من هذا الغزو الخطير؟