أحمد بن محمد الغامدي
ليست المشاريع العظيمة ما يخلّد ذاكرة الأوطان، بل الأثر الذي تتركه في حياة الناس، ومن هنا، يأتي المنجز الوطني الذي أعلنت عنه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بإتمام توظيف 60 ألف مواطن ومواطنة خلال 4 سنوات، لتكون شاهدًا على رؤية تتحول إلى واقع، ووطنٍ يجعل الإنسان محور التنمية وغايته.
60 ألف قصة في وزارة واحدة، إنه رقم يتجاوز قيمته الرقمية، ليصبح مرآة لتحوّل إداري ينعكس على حياة آلاف الأسر السعودية، ويجسّد حجم الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة لمواطنها، باعتباره محور التنمية وغايتها.
جاءت المبادرة امتدادًا لتوجيهات ودعم كريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود «حفظهما الله» بعدما أكدا رعاهما الله في أكثر من مناسبة أن بناء الإنسان وتمكينه هو جوهر رؤية السعودية 2030 ومحورها الأول.
لم يكن الدعم في شكل موافقة فقط، بل بدا واضحًا من خلال المتابعة الدقيقة وفتح المسارات وإزالة العوائق، لتكون الفرص أقرب إلى كل من يستحقها، وليكون التمكين الوظيفي واقعًا لا شعارًا.
أما على مستوى الوزارة، فقد كان من الواضح - من خلال تصريحات معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ - أن دور هذا الدعم كان حاضرًا بقوة في قيادة هذا التحوّل، فقد حملت تصريحاته المتعددة ملامح مشروع متكامل، يتقدم خطوة بخطوة، ويستند إلى قراءة واقعية لاحتياجات المناطق، وإلى الحرص على أن يتم التوظيف وفق معايير مهنية لا تحيد عن العدالة ولا تتنازل عن الجودة.
وظهر جليًا من حديثه أن المشروع لم يكن سلسلة إجراءات متتابعة، بل رؤية إدارية تتشكل، ونهج قيادي يحوّل المبادرة إلى واقع منضبط يتجاوز الضجيج ويثمر نتائج ملموسة.
ومن اللافت أن تصريحات معالي الوزير لم تكن احتفالية، بل كانت عملية وعميقة، تُشير إلى أن التحول لم يكن سطحيًا أو تجميليًا، بل وصل إلى عمق الأنظمة وطريقة التفكير داخل الوزارة، تحدث معاليه عن حجم الجهد، وعن الدقة في مراحل التوظيف، وعن الدعم الذي رافق المشروع منذ لحظاته الأولى، ما يعكس أن القيادة التنفيذية كانت جزءًا أصيلًا من اكتمال الصورة النهائية.
وما يجعل هذا المشروع استثنائيًا هو أثره الإنساني المباشر، فحين نتحدث عن 60 ألف وظيفة، أي 60 ألف أسرة وجدت بابًا جديدًا للرزق، وعشرات الآلاف من القصص التي بدأت تتشكل خلف هذا الرقم الكبير، إنه مشروع لم يُغيّر وضعًا وظيفيًا فقط، بل غيّر حياة، وربما غيّر مستقبلًا، وهذا هو النجاح الذي لا يُقاس بالأوراق بقدر ما يُقاس بنبض الناس.
كما يعكس المشروع جانبًا مهمًا من التحول الإداري في المملكة؛ حيث لم يعد التوظيف يُدار بمنطق عشوائي أو تقليدي، بل بمنهجية تُشبه رؤية السعودية 2030: احتياج فعلي، حوكمة واضحة، شفافية، وعدالة تفتح الباب لكل من يستحق دون استثناء.
لقد أثبتت هذه المبادرة أن الرؤية الحكومية حين تلتقي مع إرادة تنفيذية واعية ودعم قيادي صادق، تُصبح الأرقام أبوابًا، وتتحول الخطط إلى فرص، ويصبح المواطن في قلب كل ما يحدث لا على الهامش.
60 ألف وظيفة، 60 ألف بداية ومبادرة تقول بصوت الوطن: إن المستقبل يصنعه الإنسان، والدولة معه، والرؤية أمامه، والخير في الطريق إليه.
إنه إنجاز يليق بالمملكة وبالتحول العظيم الذي تقوده بكل ثقة وهدوء، وإنه خطوة تقول لكل مواطن: غدك أجمل... وما يأتي.