محمد العشيوي - «الجزيرة»:
تبرز المنطقة السعودية بوصفها أكثر من مساحة ترفيهية في «بوليفارلد ورلد» ليولد مشهد بصري وثقافي يعيد تعريف الهوية المحلية ضمن فضاء دولي واسع يضم ثقافات العالم كلّها، لكنها ورغم هذا التنوع تنجح في أن تكون العنوان الأكثر حضوراً ومعنى وستعيد ذاكرة المملكة وتمنحها لغة معاصرة، تحتضن جمهورها وتعرف العالم بفصول من تاريخ ممتد وعادات متوارثة وفنون متشكلة عبر قرون.
المنطقة التي تتوسط ساحة «بوليفارلد ورلد»، جاءت بهوية عمرانية تعبر عن تفاصيل الموروث السعودي، من ألوان النجدية التراثية، مروراً بالزخارف التي عتبر عن مناطق المملكة، وصولاً لروح الجنوب بجباله وألوانه وملامح حضوره، أما موسيقى المكان، فلا تستقبل الزائر بصمت، بل بنغمات العود، والصوت الشعبي، والأهازيج التي تحول المرور إلى زيارة وجدانية لكل منطقة من مناطق المملكة.
ولا تقدم الهوية هنا عبر المشاهدة فقط، بل باللمس والتذوق والتجربة، فالمتاجر الصغيرة تستعرض مبيعات من كافة مناطق المملكة الجغرافية وأعمال الحرف السعودية التي تحضر بأصالة يد وذاكرة. وفي المقابل، يتزين المكان بنكهات محلية تمتد من الخبز الأحمر الحساوي، إلى القهوة العربية، إلى التمر الذي يحضر كعنوان تاريخي لصناعة ضاربة الجذور في الجزيرة العربية.
وداخل أروقة المتاجر والحرف، لا يكتفي الزائر بالشراء، بل يعيش التجربة الأقمشة السعودية بألوانها المميّزة، قطع تراثية يدوية، عطور شرقية، ومنتجات تعكس ذاكرة المكان وتخاطب الحواس قبل النظر، لتتجسد رسالة تمكين الحرف المحلية، وتحويلها من منتج تقليدي إلى حضور ثقافي واقتصادي معاصر.
لتكون صناعة المشهد السعودي داخل «بوليفارلد ورلد» ليست مجرد اختيار تصميمي، بل رؤية تسعى لأن تبقى هذه المناطق حاضرة في عيون العالم ضمن «موسم الرياض» يجمع الثقافات، وبينما تنتقل العائلات بين دول العالم في دقائق، تبقى السعودية هي البيت الذي يبدأ منه الزوار جولتهم وينتهون عنده.
ونجحت المنطقة السعودية في تقديم نموذج يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الاحتفاء بالهوية وفتح الأبواب على ثقافات العالم، يتأكد معنى رؤية المملكة للثقافة بوصفها جزءاً أساسياً من صناعة الترفيه، ومن سرد التاريخ السعودي داخل مشهد عالمي يتغير كل يوم، ومع تنقل الزائر بين كل مناطق القارات يجد نفسه في رحلة من أمام التاريخ في المنطقة السعودية.