خالد بن عبدالرحمن الذييب
برزت مفاهيم مدن الخمسة عشر دقيقة، والتنمية الموجهة للنقل (TOD)، والنقل السريع بالحافلات (BRT)، بالإضافة إلى صناعة المكان (Placemaking). كأدوات محورية لإعادة تشكيل بيئتنا الحضرية.
هذه المفاهيم وإن تشابهت في هدفها النهائي نحو مدن أكثر استدامة وأقل اعتماداً على السيارة، لكن المخطط الناجح يدرك أن هذه المفاهيم تختلف في الغرض الوظيفي والنتيجة المرجوة في الممارسة العملية. إنها ليست مفاهيم متنافسة، بل مجموعة أدوات متكاملة، يختار المخطط الأنسب منها بناءً على الحاجة والسياق والتحدي القائم.
متى نختار الأداة؟ هذا هو السؤال الجوهري، فتحدي يتعلق بإعادة هيكلة الأحياء بالكامل وتحقيق القرب والكفاءة الزمنية في الوصول إلى الخدمات، لا شك أن مفهوم الـ15 دقيقة سيكون أقرب، وهذا ما حدث في باريس عبر فتح ساحات المدارس لتكون حدائق مجتمعية، مما أدى إلى تعزيز القرب والكفاءة دون الحاجة لبناء جديد.
في المقابل، إذا كان التحدي هو معالجة الازدحام واختيار حل النقل العام ليحقق سرعة وموثوقية وبتكلفة منخفضة، فإنBRT، حل هندسي يركز على السرعة. بوغوتا طبقت هذا المفهوم بنجاح، موفرة بديلاً عملياً منافساً للسيارة.
ومن جهة أخرى، فإن كان الهدف هو توجيه النمو الحضري لتركيز الاستثمار والكثافة حول محاور النقل القائمة لتعظيم الاستفادة منها، يتم تطبيق TOD وذلك لضمان أن يكون التوسع العمراني مبرراً بخدمات النقل المتاحة.
أما صناعة المكان فهو مفهوم أخر يركز على تحويل المساحات الحضرية إلى أماكن نابضة بالحياة، لضمان أن هذه النقاط الحضرية المخدمة والمخططة تكون مريحة وإنسانية. هذه الأدوات تكشف أن التخطيط الحضري الفعال هو علم يركز على الغاية وليس التشابه الشكلي.
المخططون يختارون الأداة بـمبرر وظيفي واضح، مما يضمن أن تكون المدن التي نبنيها ذات كفاءة عالية، وجمالية إنسانية، وقادرة على التغلب على أزمة الازدحام والكثافة.
أخيراً ..
التخطيط الحضري ليس مجرد نظريات متكررة، بل فن اختيار «الأداة المناسبة» لتلبية «الحاجة الحقيقية» في المكان والزمان الصحيحين.
ما بعد أخيراً..
نجاح التخطيط الحضري ليس في معرفة أسماء هذه المفاهيم، بل في حكمة المخطط وقدرته على اختيار التركيبة الوظيفية الأمثل لكل حالة.