د. داليا عبدالله العمر
بهجة قلبها وصية نبوية.. العلم الحديث يؤكد أهمية سعادة المرأة من أعمق مظاهر الرأفة والإنسانية في الشريعة الإسلامية، تلك العناية الفائقة بقلب المرأة ومشاعرها الرقيقة لم ينظر الإسلام إليها ككيان عقلي محض، بل تعامل معها بكامل إنسانيتها، مدركا تقلبات عواطفها وحساسية روحها، لم يشجع الإسلام يوما على استسلامها للحزن، بل سعى جاهدا لتبديده وإدخال السرور إلى نفسها وتخفيف أعباء الحياة عن كاهلها.
تتجلى هذه النظرة الرحيمة في قول الله تعالى في قصة أم موسى عليه السلام: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} (13) سورة القصص.
فإعادة الابن إلى أمه كانت غاية إلهية ليقر قلبها ويزول حزنها، في إشارة قرآنية عظيمة تؤكد أن ابتعاد المرأة عن الحزن هدف شرعي وإنساني نبيل.
وعند التأمل في السيرة النبوية، أحد شواهد كثيرة تؤكد عناية النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمشاعر النساء. فقد كان إذا دخلت عليه ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، قام لها وقبلها وأجلسها في مكانه، تقديرا لمكانتها ومحبته لها، وكان في بيته صبورا لطيفاً، يُكرم مشاعر زوجاته ويحترمها، دون إهانة أو تسفيه.
وفي خطبة الوداع، قال صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم»....، وهي وصية خالدة تؤكد أن المرأة أمانة تستحق الرفق والرعاية. وفي حديث آخر قال: «فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج»، وهي دعوة لفهم اختلافها النفسي والعاطفي، والتعامل معها بالحكمة لا بالقسوة.
ولا يخفى أن لسعادة المرأة وقعا مضاعفا يتجاوز أثرها الشخصي فقد أكدت دراسة منشورة في مجلة Journal of (2014) Family Psychology، أن رفاه المرأة النفسية تؤثر بشكل أقوى من الرجل في جودة العلاقة الزوجية واستقرار الأسرة، وأن النساء أكثر حساسية للبيئة العاطفية المحيطة بهن، مما يجعلهن بحاجة أكبر للدعم والاهتمام.
وفي دراسة نشرت بمجلة (2017) Health Psychology، تبين أن النساء اللواتي يحظين بدعم عاطفي واحترام من أزواجهن أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب ويتمتع بصحة أفضل. وأشارت النتائج إلى أن مشاعر الحب والتقدير تخفض هرمونات التوتر، ما يعزز مناعة الجسد ويقلل من الالتهابات المرتبطة بالأمراض المزمنة.
كما أظهرت دراسة أخرى نُشرت في (Social Cognitive and Affective Neuroscience (2019، أن المشاعر الإيجابية لدى النساء تُنشط مراكز الدماغ المسؤولة عن التوازن العاطفي وتخفيف الألم، بينما يؤدي الحزن المزمن إلى تغييرات تزيد من خطر الاضطرابات النفسية والجسدية.
بهجة قلب المرأة ليست ترفًا، بل وصية نبوية، وأولوية علمية، وأساس الصحة الأسرة والمجتمع.