د. أماني عبدالله باهديلة
تُعدّ المسؤولية الاجتماعية إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات المتقدمة، فهي ليست مجرد مفهوم عابر، بل هي أسلوب حياة يعكس وعي الأفراد والمؤسسات تجاه محيطهم. وعندما يدرك الإنسان أن له دورًا يتجاوز مصالحه الشخصية ليصل إلى خدمة الآخرين، تتشكل منظومة من القيم التي تُسهم في نهضة المجتمع واستقراره.
تبدأ المسؤولية الاجتماعية من الفرد ذاته؛ فالممارسات اليومية مثل احترام الأنظمة، والمحافظة على الممتلكات العامة، والمشاركة في الأعمال التطوعية، تُسهم في تعزيز التغيير الإيجابي. كما أن نشر ثقافة التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع يجعل المجتمع أكثر تماسكًا وقدرة على مواجهة التحديات.
وفي قلب هذه المسؤولية يبرز دور الأم بوصفها أساس الأسرة ونقطة بدايتها. فالأم ليست مجرد مربية، بل هي قدوة حقيقية لأبنائها، وقدوة بالفعل قبل الكلام. ومع تطورات الحياة الحديثة، أصبحت الأم تؤدي أدوارًا متعددة؛ فهي الصديقة، والمرشدة، والرفيقة، والمعالجة التي تدعم أبناءها في مختلف المواقف. ومن واجب كل أم أن تستفيد من البرامج والمبادرات الثقافية والتربوية لتطوير أساليب التربية وتعزيز فهم احتياجات الأبناء، بما يسهم في تنشئة جيل واعٍ قادر على التعامل مع المجتمع برقي واحترام. ومن الجوانب المهمة في هذه المسؤولية تعزيز اللغة العربية لدى الأبناء، فهي هويتهم الأولى ولغتهم الأم. وقد أدّى الاعتماد الكبير على الأجهزة التقنية مثل الآيباد واللابتوب في الكتابة إلى إضعاف مهارات القراءة والكتابة لدى الأبناء، إذ لم يعودوا يمارسون الكتابة اليدوية التي تُرسّخ قواعد اللغة وتساعدهم على التمييز بين الحروف. وقد ظهر ذلك بوضوح في الخلط الشائع بين الضاد والظاء؛ فكلمة ضغط تُكتب بالضاد، وكذلك كلمة مضطر تُكتب بالضاد وليست بالظاء. لذلك من الضروري تعليم الأبناء كتابة صفحة أسبوعيًا بخط جميل وواضح، وتشجيعهم على استخدام العربية استخدامًا سليمًا، مع إمكانية تعلم اللغات الأجنبية إلى جانبها دون التفريط في اللغة الأم.
وفي النهاية، فإن المسؤولية الاجتماعية ليست واجبًا مفروضًا، بل هي انتماء صادق لوطن يستحق العطاء. وكلما تعاون الأفراد، وخاصة الأسرة والأم، في بناء جيل معتز بلغته وقيمه، ازدادت قوة المجتمع وقدرته على صنع مستقبل أفضل.