الهادي التليلي
وأنت تعبر شوارع الرياض تستوقفك لوحات غاية في الجمال تلفت انتباهك، إنها لوحات تجمع بين ما تقدمه الإنارة وما تشكله المفردات المعمارية الجميلة والمتواترة بين أبراج شاهقة وبنايات أفقية غاية في الروعة، في هذه الدهشة المتشعبة نتيجة ما تحفل به مشهدية المدينة من إبداع معماري من جهة وما تناغم من دقة مخطط التنمية الحضرية للمدينة، من ناحية أخرى، فالرياض التي تحملك شوارعها إلى سؤال الإبداع تستوقفك بين الحين والحين دهشة المعجب، نعم إنها الرياض الوارفة، فطريق الملك سلمان يحملك في سلاسة إلى حيث يتفرَّع عنه طريق المطار وطريق الملك فهد يتوغل بك نحو عمق الرياض وحيث المكتبة العمومية وأبراج المملكة والمجدول والفيصلية وعلى أطرافه يستوقفك المركز المالي الملك عبدالله وفيه أبراج تذكرك بأبراج التجارة العالمية والحافة يحملك إلى وكالة الأنباء وكبار الصحف، ومن جهة أخرى يحملك طريق الأمير محمد بن سلمان إلى شمال الرياض وشرقها، حيث الرقي والحضارة والمستقبل الأميز، وتبقى الطرق الدائرية الشمالية والشرقي والغربية والجنوبية مسالك سلسة تربط بين أجزاء المدينة.
مدينة الرياض أو عاصمة البهاء والجمال كما يحلو لي تسميتها تسير لأن تكون ضمن نادي عواصم العالم العشرة جمالياً وتنموياً ومساحة، إنها عاصمة بحجم عدد من الدول مجتمعة من حيث المساحة وهي عاصمة تجمع بين الجمال في الأشكال وكذلك المعنى وهو أهم شيء يشدك للرياض، فالمعنى هو ما يميزها عن غيرها، فبعض العواصم تجدها متناغمة منسجمة وجميلة ولكن مثل الدمية الصينية بلا معنى.
مدينة الرياض بأحيائها الجديدة أو المتجددة حتى أكون دقيقاً تجعلك في سقف العالم وهنا أتحدث عن شوارع التحلية والأمير تركي الثاني والعليا وشمال الرياض وغيرها، أحياء وشوارع لا تنام هي مشبعة بالحياة والحركة وأنوارها تفتك دهشتك وتجعلك تتيه في جمال المبنى وتسأل عن حضور المعنى، وفي الحقيقة هناك مكانان أحتار كلما خرجت مع نفسي بحثاً عن مكان يشاركني دهشتي في الحياة.
الأول حطين وما فيها من نهضة ومبان غاية في الجمال وأنا عائد منها باتجاه الجنوب أمرُّ على الدرعية وقد أعود لحي النخيل في سياق سياحة بصرية وأعود باتجاه الجنوب ربما أعبر الجسر المعلَّق وربما أمضي يميناً باتجاه القدية العاصمة الترفيهية القادمة على مهل.
والثاني الديرة وهي المدينة التقليدية التي ينتصب فيها قصر المصمك شامخاً محاوراً الحاضر بتاريخ كامل، فقصر المصمك ليس مجرد متحف للذاكرة الوطنية، إنه قصة نجاح بلد تتسم قيادته بالوفاء للذاكرة الجماعية وأمر راجلاً إلى مسجد الأمير تركي، حيث جمال المعمار الديني المذهل وأتوجه يساراً نحو سوق الزل، حيث تجد كل أنواع السجاد الكوني وفي هامشه معرض يومي للقطع الأنتيكا، وأعرج نحو حديقة الوطن والمتحف الذي يعد كتاباً مفتوحاً عن التاريخ القريب، وخارج مداري التي تستوقفك إحداثات الترفيه الجميلة، والحديثة وهي مدن ترفيهية مفعمة بالحياة والحيوية.
مدينة الرياض تجعلك تشعر أنها من العواصم التي وأنت تسير فيها تردد شعار ممنوع الملل ومباح الدهشة والذهول في الجمال.