أكرم خالد بريكة
لم تعد الفعاليات - سواء كانت مؤتمرات أو قمماً أو منتديات ومهرجانات - مجرد أحداث عابرة كما كانت في السابق؛ بل أصبحت اليوم محورًا استراتيجيًا وعنصرًا أساسيًا في تحقيق النهضة وتحريك عجلة الاقتصاد.
لقد تحوّلت الفعاليات بمختلف مكوناتها وروافدها إلى قوة ناعمة مؤثرة، تُمارس دورها عبر اللقاءات الاقتصادية والثقافية والدبلوماسية، وتُسهم في بناء صورة إيجابية للدول ونشر قيمها وتعزيز حضورها على كافة المستويات. ولم يعد الأمر مقتصرًا على الترويج أو التعريف، بل أصبحت الفعاليات جسرًا لبناء التحالفات الإقليمية والدولية، ومنصات حيوية لتعزيز الحوار والتواصل الحضاري بين الشعوب.
ويمتد تأثير صناعة الفعاليات إلى الداخل أيضًا، حيث تُعزّز الهوية الوطنية، وتنشر المعرفة والثقافة، وتُنشئ شعورًا بالانتماء والولاء. كما تُسهم في الترويج لقيم إيجابية مثل التسامح وقبول الآخر ومواجهة الأفكار الخاطئة، لتصبح رافدًا لصناعة مجتمع واعٍ ومتوازن.
ولأن الفعاليات بطبيعتها شمولية ولا ترتبط بمجال واحد ولا حدود جغرافية محددة، كان الجانب الاقتصادي حاضرًا بقوة، باعتباره المحرك الرئيسي للحكومات. فقد أصبحت الفعاليات منصات حيوية لتنمية الأعمال، وتبادل الخبرات، وتوفير البيئة الجاذبة لصناعة مستقبل أكثر تنافسية. وفي هذا السياق تتهافت الشركات العالمية والمحلية على دخول السوق السعودي، وقد لوحظ تدفق كبير في حجم الاستثمارات في قطاع الفعاليات خلال العامين الأخيرين، ما يؤكد جاذبية المملكة كمركز لهذه الصناعة.
ومن هذا المنطلق، أولت الحكومات اهتمامًا كبيرًا بصناعة الفعاليات، باعتبارها طريقًا نحو الريادة والتقدم، وركيزة لتحسين جودة الحياة، وتعزيز القوة الاقتصادية والمعرفية للدول.
وفي هذا الإطار، أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وبدعم وتوجيه من عراب الرؤية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، اهتمامًا بالغًا بصناعة الفعاليات، ما جعل المملكة عاصمة الأحداث الكبرى، ووجهة عالمية للفعاليات التي أبهرت العالم تنظيمًا وتأثيرًا وحضورًا.
وقد جاءت تصريحات معالي وزير الإعلام السعودي الأستاذ سلمان الدوسري، في المؤتمر الصحفي الحكومي الأسبوع الماضي، لتجسد هذا الواقع وتعكس ما يحدث على أرض المملكة من حراك غير مسبوق. فقد أكد الوزير أن المملكة صنعت خلال الأيام الماضية لوحة عالمية مبهرة عبر سلسلة من الفعاليات الدولية المتتابعة، جعلت الرياض محط أنظار العالم.
ومن أبرز ما ذكره معاليه:
* ملتقى الصحة العالمي في نسخته الثامنة بحضور أكثر من 600 متحدث.
* مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025 باتفاقيات بلغت 5 مليارات ريال.
* مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) في نسختها التاسعة بمشاركة أكثر من 650 متحدثًا وباتفاقيات تجاوزت 50 مليار دولار.
* ملتقى «بيبان» بنسخته الحادية عشرة ونهايات كأس العالم لريادة الأعمال بمشاركة 10 آلاف متسابق من 169 دولة، وباتفاقيات تجاوزت 38 مليار ريال.
* منتدى الحكومة الرقمية 2025 بمشاركة 400 جهة محلية ودولية.
* مؤتمر ومعرض الحج 2025 بمشاركة أكثر من 150 دولة.
* منتدى «تورايز» العالمي بمشاركة 120 دولة وباستثمارات فاقت 113 مليار دولار.
* معرض «سيتي سكيب» العالمي بنسخته الثالثة بمشاركة 550 جهة وصفقات عقارية تجاوزت 237 مليار ريال.
* ألعاب التضامن الإسلامي بحضور 57 دولة و3 آلاف رياضي.
وإذا أضفنا إلى ذلك:
* القمة العالمية للصناعة بمشاركة 173 دولة.
* المؤتمر العدلي الدولي الثاني بمشاركة أكثر من 40 دولة.
* قمة الابتكار في استدامة المياه في 8 ديسمبر.
* مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية بمشاركة صناع قرار سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية والأضخم في الشرق الأوسط في 15-16 ديسمبر. بحشد 43 دولة.
فإن الصورة تكتمل بفعاليات ضخمة لم تجتمع في أي عاصمة أخرى في العالم، مما يمنح الرياض مكانتها الجديدة كمنصة عالمية لصناعة المستقبل.
إن رسالة الرياض اليوم للعالم واضحة:
صناعة الفعاليات طريق إلى الريادة والتقدم وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى.