أحمد بن محمد الغامدي
تُجسد ميزانية المملكة لعام 2026، التي أقرها مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء «حفظه الله» مرحلة جديدة من مسيرة العطاء والازدهار، حيث تتجاوز أرقامها حدود الاقتصاد لتلامس حياة المواطن مباشرة، مؤكدة أن الإنسان السعودي هو جوهر التنمية وهدفها الأول.
الميزانية التي بلغ إنفاقها أكثر من 1.3 تريليون ريال ليست مجرد وثيقة مالية أو رقم اقتصادي ضخم، بل هي رسالة إنسانية وتنموية، تعكس رؤية قيادة آمنت بأن بناء الإنسان هو الأساس لبناء الوطن، وأن رفاه المواطن واستقراره هما المعيار الحقيقي لنجاح أي خطة اقتصادية.
تأتي المنظومة الصحية في مقدمة أولويات الميزانية، حيث تواصل الدولة دعم مشاريع المستشفيات التخصصية والمراكز الطبية الحديثة، وتوسيع خدمات الرعاية الأولية في مختلف المناطق، بما يضمن وصول الخدمات الصحية لكل مواطن بسهولة وجودة عالية. فالصحة ليست إنفاقًا بل استثمار في الحياة والإنتاجية، يعزز جودة الحياة ويدعم قوة المجتمع.
وفي مجال التعليم، تمضي المملكة بخطى ثابتة نحو تطوير المناهج، وتوسيع فرص الابتعاث، ودعم التعليم التقني والمهني لتأهيل الشباب لوظائف المستقبل. فالميزانية تُترجم رؤية القيادة في تمكين المواطن بالعلم والمعرفة، ليكون مشاركًا فاعلًا في التنمية، وليس مجرد مستفيد منها. إنها استثمار طويل الأمد في العقول السعودية التي ستقود التحول الوطني القادم.
أما في جانب الأمن والإنفاق العسكري، فتواصل المملكة دعم قدراتها الدفاعية لضمان أمن المواطن واستقرار الوطن، إدراكًا بأن الأمن هو القاعدة التي تُبنى عليها كل تنمية، فبقدر ما تُنفق الدولة على تجهيز القوات المسلحة وتطوير الصناعات الدفاعية، بقدر ما تضمن سلامة حدودها واستمرار نهضتها، مما يعزز الثقة في بيئة الاستثمار ويطمئن المواطن على حاضره ومستقبله.
ورغم العجز المالي المتوقع الذي يبلغ 165 مليار ريال، إلا أن القيادة الرشيدة لا تنظر إليه كعبء، بل كوسيلة ذكية لضمان استمرارية المشاريع الكبرى التي تولّد الوظائف وتُحفّز النمو غير النفطي، فكل ريال يُنفق في هذه الميزانية يعود أثره على المواطن، سواء في شكل خدمات محسّنة، أو فرص عمل، أو جودة حياة أفضل.
لقد أثبتت التجربة السعودية أن المسار الصحيح هو مسار التنمية، لأنه يصب في مصلحة المواطن، وتنويع الاقتصاد، وتحفيز القطاعات الواعدة مثل السياحة، والطاقة المتجددة، والتقنية، واللوجستيات، وهذه القطاعات ليست مجرد محركات اقتصادية، بل منصات لتمكين الشباب السعودي من الإبداع والمشاركة في صياغة المستقبل.
لقد أكدت الأرقام والتوجهات التي أعلنتها وزارة المالية أن المواطن هو الرابح الأكبر من ميزانية الخير، فالنفقات الموجهة للتعليم والصحة والأمن والتنمية الاجتماعية تمثل النسبة الأعلى من المصروفات الحكومية، وهو ما يعكس نهجًا ثابتًا في جعل رفاه المواطن أولًا، كما أن استمرار نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.8 %، وارتفاع الإيرادات غير النفطية، يشير إلى نجاح رؤية المملكة 2030 في تحقيق التوازن الاقتصادي بعيدًا عن تقلبات أسواق النفط، بما يضمن استدامة الرفاه للأجيال القادمة.
ختامًا، لا تعد ميزانية 2026 ليست مجرد خطة مالية سنوية، بل هي رؤية حياة تؤمن بأن الإنسان السعودي هو الثروة الأغلى، وأن الاستثمار في صحته وتعليمه وأمنه هو الطريق الأكيد إلى المستقبل. إنها ميزانية تبني وطنًا قويًا ومجتمعًا مزدهرًا واقتصادًا مستدامًا، تحت قيادةٍ ملهمة وضعت المواطن في القلب، والازدهار في الأفق.