د. سطام بن عبدالله آل سعد
في البطولات القصيرة لا يكفي الاسم ولا يشفع التاريخ؛ فاللاعب الفارق هو من يحسم المباريات تحت الضغط. وفي كأس العرب 2025، تجاوز سالم الدوسري دور النجم إلى دور المحرك الذي تبنى عليه نتيجة المنتخب.
سالم هو من يصنع أسباب الفوز برفع إيقاع الهجمة، والافتكاك من الرقابة، وفتح زوايا تمرير غير متاحة، وإجبار الخصم على خطأ صغير يساوي مباراة. هذه هي ماركة اللاعب العالمي الذي يفرض شكل المباراة على الجميع.
ومع أن كرة القدم الحديثة تقاس بالوظيفة وليس بالمركز، أثبت سالم أن صانع الحسم لا يشترط أن يكون رأس حربة. ففي الإقصائيات أمام فلسطين ظهرت الفكرة بأوضح صورة حين ضاقت الحلول صنع مخرجا واحدا لا يصنعه إلا لاعب كبير، فقد تسبب في ركلة جزاء، وصنع هدفا، وقاد عبورا شاقا بعد وقت إضافي.
لهذا، عنوان (سالم يصنع.. والمنتخب يفوز) ليس مبالغة؛ إنه توصيف قيمة نادرة للاعب يمنحك اتجاه المباراة، حتى عندما تتراجع أدواتك الهجومية.
مباراة الأردن تأمين ثم اختراق
المواجهة مع الأردن في نصف النهائي ليست مباراة اندفاع هجومي. فالأردن يدخل بعقلية منتخب جاهز للبطولات؛ حيث يمتلك كتلة دفاعية صلبة، وانضباطا تكتيكيا، وتحولات سريعة تحول نصف فرصة إلى تهديد. وهو وصيف كأس آسيا 2023، وهذه علامة على خبرته في مباريات خروج المغلوب التي يجيدها.
لذلك، المطلوب من منتخبنا التوازن قبل كل شيء، وعدم الاندفاع للهجوم فتترك المساحات خلف الظهيرين، لأن أخطر ما لدى الأردن هو التحول بعد فقدان الكرة. والقاعدة التكتيكية واضحة: هاجم، لكن مع تأمين الخلف بظهير يتقدم والآخر يبقى، ومحور ثابت أمام قلبي الدفاع، ومسافة قصيرة بين الخطوط حتى لا تكسر بتمريرة واحدة.
ومع غياب المهاجمين في منتخبنا، تصبح صناعة الفرصة أهم من كثرة الهجوم. وتبنى الفرص هنا بمنهجية تدوير الكرة بصبر بين الخطوط، ونقل سريع من جهة إلى جهة، واستهداف أنصاف المساحات، ثم دخول لاعب من الخلف على القائم الثاني لاستكمال الهجمة. أما نقطة الذهب فهي الكرات الثابتة؛ ففي مباريات كهذه قد تكون الركنية أو المخالفة هي هدف المباراة.
إذا لعبنا بميزان (تأمين ثم اختراق)، سنجعل الأردن يركض وراء الكرة وليس وراء المساحات، وحينها تصبح المباراة لنا.