سعدون مطلق السوارج
في مشهد حضاري مفعم بالهوية الخليجية المشتركة، وتحت مظلة التعاون الثقافي المتين بين دول مجلس التعاون، انطلق في المتحف الوطني بالرياض المعرض الدوري المشترك الثامن لآثار دول الخليج العربية، وذلك خلال الفترة من 2 ديسمبر 2025 وحتى 30 ديسمبر 2025، حيث توزّعت أروقة المتحف بفيضٍ من الشواهد التاريخية التي تحكي وحدة الإنسان عبر العصور.
وقد جاءت مشاركة دولة الكويت عبر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - قطاع الآثار والمتاحف - مشاركةً نوعية ومشرّفة، إذ قدّمت 25 قطعة أثرية كويتية استثنائية، اختيرت بعنايةٍ فائقة لما تمثّله من قيمة تاريخية وحضارية وثقافية، ولقدرتها على إثراء المعرض وإبراز الدور العميق للكويت في مسيرة الإرث الخليجي المشترك.
هذه القطع لم تكن مجرد معروضات جامدة، بل كانت صفحات حيّة من الذاكرة، تجسّد أصالة الأرض، وعبقرية الإنسان، وتفاعل الكويت منذ القدم مع محيطها الخليجي والعربي، ما جعل حضورها محور إعجابٍ وتميّزٍ لافت لدى الزوّار والخبراء على حدٍ سواء.
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.. أداء رفيع وصناعة حضور حضاري كويتي
جاء هذا النجاح ثمرة عمل مؤسسي متواصل، وجهود مخلصة بذلتها كوادر قطاع الآثار والمتاحف، الذين عملوا بمنتهى الدقة والاحتراف، منذ مراحل التحضير والاختيار، وحتى التنسيق مع الجهات الخليجية، ليقدّموا لوحة مشرقة تُجسّد التزام الكويت بدورها الثقافي، وتأكيد حضورها ضمن المنظومة الخليجية.
لقد برهن المجلس الوطني من خلال هذه المشاركة أن الكويت شريكٌ فاعل في صياغة المشهد الثقافي الخليجي، وأنها قادرة على إبداع حضورٍ يليق بتاريخها العريق ودورها الريادي.
ولا يمكن لهذا النجاح أن يكتمل دون الإشادة بما قدّمته المملكة العربية السعودية من جهودٍ كبيرة في التنظيم والاستضافة، ممثلةً بالمتحف الوطني بالرياض، الذي أبدع في تجهيز بيئة عرض حديثة ومتقنة، أتاحت للمشاركات الخليجية أن تتلألأ في أفضل صورة.
لقد جسّد هذا المعرض ما تتميّز به المملكة من رؤية ثقافية واعية، وحرصٍ على دعم العمل الخليجي المشترك، ومتانة العلاقة الثقافية التي تجمع الشعبين السعودي والكويتي، وبقية شعوب دول المجلس.
وقد امتدّ النجاح ليشمل جهود جميع دول مجلس التعاون التي ساهمت في هذا المعرض الكبير، كلٌ بجهده وإبداعه وإرثه المتجذر، لتتشكّل بذلك لوحة حضارية تجمع الماضي بالحاضر، وتؤكّد أن الخليج ليس جغرافيا مشتركة فحسب، بل هوية واحدة وروح واحدة وتاريخ ممتدّ.
ختامًا.. شكراً لكل من أسهم في إنجاح هذا الحدث الخليجي البهيّ، من قيادةٍ حكيمة في المملكة العربية السعودية، إلى كوادر المتحف الوطني بالرياض، إلى الفرق المشاركة من دول المجلس، وإلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - قطاع الآثار والمتاحف في دولة الكويت، الذين قدّموا مشاركةً تستحق الفخر والاعتزاز.
إن هذه التظاهرة الثقافية لم تكن مجرد معرض.. بل كانت رسالة خليجية تؤكد أن التراث هو الجسر الأمتن بين شعوب المنطقة، وأن المستقبل يُبنى على تاريخٍ نفخر به جميعًا.
** **
- باحث في التراث الكويتي والخليج