د. فهد بن أحمد النغيمش
أخلاق الإسلام وتعاليمه وأذواقه وآدابه ليس كمثلها ولا أعظم منها، قال -صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ», قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: «إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ» صحيح مسلم.
إن الله جميل يحب الجمال والإسلام يحث الشخص على التجمل والاعتناء بمظهره ثوبه ونعله وهندامه، فأدب المسلم وذوقه وتجمله هي من صميم الدين الذي يؤجر عليها، أما حضارة المادة التي يدّعيها الشرق والغرب، حضارة الانفلات والانقلاب على الأخلاق والفضيلة، حضارة الرذيلة والقبح، هذه ليست حضارة؛ لأنها تهوي بالنفس وتشقي الروح، وتجعل هناك تبعية وانهزامية وقد أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، -وفي لفظ- شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمن).
إن مصطلح الذوق العام مصطلح يخص كافة أفراد المجتمع ولذا لا يمكن أن يكون الشارع ملكا لأحد يمشي المرء فيه كما شاء ويفعل ما يشاء دون اكتراث بالأخرين او مراعاة لمشاعرهم فليس من حق المدخن أن ينفث سمومه في أوجه المارين ويلوث هواء هو حق للجميع، وليس من الادب ولا الذوق الرفيع ان يكشف رجلا عن ساقيه وفخذيه ويتمشى بين البشر فيؤذي المارة برؤية تلكم المناظر المقززة ويخلق جواً من التشوه البصري، وليس من الأخلاق الكريمة ومراعاة أذواق المجتمع أن تتصبغ المرأة بأنواع من المساحيق والألبسة الضيقة لتلفت الانتباه وتخلق جواً من جذب الانتباه وهو في حقيقته تشويه للمنظر العام وتسطيح للآخرين وعدم مراعاة أذواق المارة والمتجولين.
إن مما يسر الخاطر ويبعث السرور ما سنته هذه الدولة المباركة -حماها الله- من لائحة تسمى «الذوق العام» وفرض غرامات على من يخالفها، حفاظًا على الأخلاق والنظام، والمقام ليس مقام سرد لها، ولا لعددها، ولا قيمة الغرم عليها، وإنما المقام مقام تذكير بأخلاق هذه الأمة، وأن أهلها هم خير أمة أخرجت للناس، دينًا وخُلقًا، ومقام تنبيه لمن ساءت أخلاقه، قولاً، وفعلاً، ولباسًا، وشكلاً، وتعاملاً، وتصرفًا!!
لينشئ كل واحد منا لائحة ذوق تخصّه، وليعرضها على دينه الذي يؤمن به وعلى أخلاق الإسلام التي يقر بها ويتخذها دستوراً وماذا سيسجل فيها، هذا حلال وهذا حرام؟ هل التعرض للنساء والرجال، وإعطاء من ليس من المحارم رقم هاتف: حلال أم حرام؟، هل التكشف ولبس الضيق والفاحش والقصير من الجنسين: حلال أم حرام؟، هل التلفظ بألفاظ نابية خادشة للدين والحياء: حلال أم حرام؟، هل الدخول لبيوت الله -جل وعلا-، وللأماكن العامة بلباس لا يليق: حلال أم حرام ؟، هل رفع الصوت بالموسيقى، والدوران في الشوارع، وأذية المارة: حلال أم حرام؟، هل رمي المخلفات وعدم حفظ النظافة في الشوارع والحدائق العامة، والأماكن التي يرتادها الناس: حلال أم حرام؟، هل التشبه بالكفار في قصّات الشعر، ووضع الأساور وغيرها في الأيدي والأعناق للرجال: حلال أم حرام؟ هل تربية القطط والكلاب واصطحابها في الطرقات والمولات من الحلال ام من الحرام؟
كلنا يبحث عن الذوق الجميل والخلق الرفيع لكن ليس بالطرق غير المشروعة والأبواب الغير محمودة، دعوا عنكم التقليد والركض وراء الموضات المزيفة، حَسِّن شعرك وجمّله ولا تجعله إثمًا تسير به على رأسك، جَمِّل ثيابك والبس أحسنها ولا تكشف عورتك، فتفقد ملائكة أرسلها ربك لتحفظك، لا تتصرف تصرفًا غبيًّا تظنه أنت وأقرانك تسلية، فتؤذي به غيرك، اشغل وقتك بما ينفعك، ولا تقصد أماكن تجد بها من يفتنك، فيوقعك في شركه، ويعبث بك، حتى يضيعك ثم أحذر ان تكون من أهل هذه الآية فينالك الاثم العظيم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).