عبدالله إبراهيم الكعيد
كتبتُ كثيرا وسأكتب عن مساوئ الحرب، حتى يعرف من أطلق الرصاصة الأولى بأنها سترتد على صدره مهما كان موقعه في القيادة أو تحصيناته العسكرية. ومثلما كتبت سابقا في هذه الزاوية من وجهة نظر من اكتوى بالحرب الروسية - الأوكرانية مهندس النُظم المقيم في المانيا ايغور كرافتشوك حول عذاباته وغيره من شعب أوكرانيا، سأكتب اليوم من وجهة نظر معاكسه. وجهة نظر روسية.
بعد هذه المقدمة التعريفية التي رأيتها ضرورية ككاتب لمن لم يتابع من القرّاء ما سبق من مقالات، دعوني اعترف لكم في البدء بأني استقيت معلومات ما سيرد لكم في حكاية اليوم من مركز الإعلام للدراسات العربية - الروسية الذي يرأسه مثقف سعودي التقيت بهِ مراراً في استوديوهات قناة روتانا خليجية للمشاركة في برنامج (الأسبوع في ساعة) من تقديم الصحافي والإعلامي الشهير إدريس الدريس. إنه الدكتور ماجد بن عبدالعزيز التركي الذي أنشأ ذلك المركز وأشرف عليه وللعلم فصاحبنا التركي في الأساس هو خريج جامعة موسكو الحكومية المسماة (لومونسوف Mry) لهذا فهو العارف الخبير بفكر وتوجهات من يُدير الكرملين وبقية الجوقة السياسية الروسية.
مركز الاعلام للدراسات العربية - الروسية يبعث لكاتب هذه السطور بين آونة وأخرى كل جديد من الدراسات التي يجريها الساسة والكُتّاب من فلاسفة روسيا ومفكريها.
آخر ما تلقيته من المركز مقالة كتبها العالِم والفيلسوف الروسي الدكتور ألكسندر دوغين بعنوان (مفتاح النصر.. في الداخل أولاً، حول الحرب والهويّة والدولة) ترجمها وحررها للغة العربية الدكتور زياد الزبيدي. ولأن مساحة هذه الزاوية لا تسمح بالإطالة في مقالة العالم الروسي فقد قمتُ باختزال ما كتبه حول نهاية حرب روسيا - أوكرانيا في قوله «إن استسلام أوكرانيا ليس كافيا لإرضاء لا الكرملين ولا الشعب الروسي وخصوصا كبار السن منهم. ينبغي التخلص قبل هذا وبعده من هزيمة داخلية تعود جذورها الى تسعينيات القرن الماضي أي إلى اللحظة التي انهارت فيها الدولة السوفيتية وتحوّل المجتمع الروسي نحو الليبرالية الغربية».
السؤال هل يُعقل بأن مراكز البحوث الغربية والأمريكية بالتحديد قد غاب عنها ذلك العنصر المهم وهم الذين يزودون الوفود التي تتباحث مع قيصر روسيا (بوتين) بالمعلومات التفصيلية حتى ولو كانوا يدركون دهاء رجل الــ(كي جي بي) السابق وهو الذي قد شهد فصول ذلك الانهيار المُربك لكل الحسابات؟
صفوة القول: إن التخلّص من الهزائم الداخلية ودفنها هي الخطوة الأولى في استعادة ثقة الأمة بنفسها وبالتالي الانطلاق نحو الانتصارات الكبرى كما في الحالة الروسية.