عبد العزيز الهدلق
الأخبار تتوالى عن عمليات استحواذ قادمة لشركات عملاقة ورجال أعمال على الأندية الأربعة الكبرى. وهي أخبار سعيدة ومبشِّرة بخطوة متقدِّمة في مسيرة تطور الأندية والكرة السعودية.
ومن المؤكد أن خطوة الاستحواذ القادمة سيرتبط بها اتخاذ خطوات أخرى لا تقل أهمية عن الاستحواذ وهي خطوات داعمة ومعزِّزة لنجاحات الاستثمار الرياضي. وعلى رأسها تطوير البنية القانونية فيما يخص الأنظمة واللوائح في لجان اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين، فالوضع الحالي للجان وآلية عملها، ولوائحها لا يمكن أن تدعم التخصيص والاستثمار الرياضي. ولا يقبل أي مستثمر دفع المليارات للاستحواذ على ناد كبير أن تكون الآليات المتبعة في عمل اللجان بمثل ما هي عليه الآن! ولنا فيما حدث قبل وأثناء كأس السوبر الماضي مثال على ذلك! فلا يمكن إقامة البطولة في بلد مثل هونج كونج دون مشاركة الأندية في القرار. ولا يمكن قبول مخالفة اللائحة باستدعاء فريق غير مؤهل بديلاً عن فريق معتذر! ولا يمكن قبول صدور قرارات متضاربة من لجنتين مختلفتين في اتحاد واحد (الانضباط والاستئناف) بشأن حالة واحدة! فهذه الممارسات غير الاحترافية وغير المهنية لا تساعد أبداً في نجاح تجربة الاستثمار والاستحواذ.
ومن أجل تلافي تلك السلبيات نحتاج إلى أمرين مهمين، الأول تطوير لوائح لجان اتحاد الكرة بما يضمن وضوحها بشكل تام، وتكاملها، بحيث لا نرى فقرة في لائحة الانضباط تخالف فقرة في لائحة الاستئناف أو المسابقات بشأن حالة واحدة. وحذف عبارة (أو ما يراه المسؤول) من كل الأنظمة والقوانين واللوائح المنظمة لمسابقات كرة القدم، لأن هذه العبارة تجعل كل اللائحة الواردة فيها بلا قيمة ما دام القرار سيصدر وفقاً لما يراه المسؤول. وهذه العبارة موجودة بوضوح في المادة الخاصة بتعذر إقامة المباراة للظروف القاهرة الموجودة في لائحة المسابقات.
والأمر الآخر تطوير الكوادر العاملة في الأمانة العامة لاتحاد الكرة واللجان، وكذلك في رابطة دوري المحترفين. فمن الواضح أن هناك كوادر في الاتحاد والرابطة إمكانياتها دون المستوى المطلوب. لذلك نشأت الكثير من المشكلات والأزمات مع الأندية، وأصبحت هذه المشكلات قضايا رأي عام مثل جدول دوري روشن لهذا الموسم الذي صاحبه لغط كبير وتساؤلات لم تجد إجابات حول الآلية المتبعة في إعداد الجدول الذي خدم أندية معينة بالذات وتضرر منه أندية أخرى! بشكل لا يمكن قبوله.
بالإضافة إلى وجوب مراعاة الفرق التي يشارك لاعبوها الأجانب مع منتخبات بلادهم في البطولات القارية كالأوروبية أو الإفريقية بحيث لا تُقام مباريات تنافسية خلال فترة إقامة تلك البطولات ما دام الدوري مستمراً ولم يتوقف! فما ذنب النادي الذي دفع مئات الملايين في لاعبين أجانب دوليين ثم يشارك في مباريات الدوري التنافسية دون وجود أولئك اللاعبين؟! واستبعاد المباريات التنافسية خلال مثل هذه الفترات يحمي آلية إعداد الجدول من التأويل والبلبلة وسوء الظن.
كما لا يمكن للمشروع أن ينجح ويحقق أهدافه دون استقلالية رابطة دوري المحترفين، وأن يختلف مفهوم المسؤول ومتخذ القرار في الرابطة، فالرابطة ليست فرعاً ولا ذراعاً لاتحاد الكرة! ويجب أن تكون قرارات الرابطة شفافة للغاية، وأن يخضع اختيار المسؤول في الرابطة من رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي إلى كل المسؤولين والعاملين ورؤساء الإدارات واللجان خاضع للتصويت من قبل الجمعية العمومية للرابطة وليس بقرارات تأتي من أي جهة خارجية. فهي رابطة دوري المحترفين وهدفها خدمة الأندية المحترفة، ويجب أن تكون سياساتها وتوجهاتها وقراراتها تصب في مصلحة الأندية التي تمثّلها.
وبالإضافة إلى الاتحاد والرابطة فلا يمكن إغفال مركز التحكيم الرياضي الذي لم يستطع حتى الآن إقناع الشارع الرياضي بجودة عمله ومخرجاته! حيث يجب إعادة النظر فيه، وتطوير أدائه بما يضمن مواكبته لأعلى السلطات القانونية في العالم. ويكفي استعراض قضية اللاعب حمدالله مع نادي النصر الذي حكم في مركز التحكيم الرياضي بإدانة اللاعب وفرض عليه عقوبات، وعندما رفع اللاعب القضية لمحكمة «كاس» أسقطت المحكمة تلك الأحكام، مباشرة، وفرضت على نادي النصر دفع مبالغ مالية للاعب! وهذا صنع حالة من الارتباك في الشارع الرياضي، وفرض عليه مراجعة قرارات وأحكام أخرى لم تكن مقنعة مثل قرار معاقبة الهلال في قضية كنو الشهيرة. وكذلك معاقبة العروبة في قضية الرويلي الشهيرة أيضاً! والتي اتضح فيما بعد أن الأنظمة واللوائح المحلية لا تمنع اللاعب المحترف من ممارسة عمل آخر!
كما أن مشاركات المنتخب الوطني يجب أن تقنن وأن تواكب روزنامة الاتحاد الدولي وأيام «الفيفا»، وأي بطولة خارج هذه الروزنامة لا يجب المشاركة فيها باللاعبين المحترفين، بل من لاعبي دوري يلو والدرجات الأخرى! فالمستثمرون الذين دفعوا المليارات لا يقبلون بأن توقف المسابقة محلياً من أجل المشاركة في دورة الخليج مثلاً أو كأس العرب وهي بطولات خارج روزنامة «الفيفا» ليمتد الدوري إلى البطولات القارية المجدولة ضمن روزنامة «الفيفا» فلا يوقف الدوري ويذهب اللاعبون المحترفون لمشاركة منتخبات بلادهم وتخسرهم أنديتهم المحلية! فمثل هذه الممارسات ينبغي أن تتغيَّر مع التحول الجديد في مسيرة الأندية السعودية.
زوايا
* الفارق بين الإعلاميين الخليجيين والعرب وبين بعض الدخلاء على الإعلام الرياضي السعودي أن الخليجيين والعرب يثنون على نجومنا ومنتخبنا والدخلاء يهاجمون اللاعبين السعوديين ويقلِّلون منهم!
* ماذا يعني إقبال المستثمرين على الاستحواذ على ناديي الهلال والاتحاد فقط وأن يكون لهما الأولوية؟! بالتأكيد لأن المستثمر يبحث عن العوائد.
* مشاركة الهلال الأخيرة في كأس العالم للأندية نقلته إلى مرحلة متقدمة في التصنيف وجعلته في مصاف الأندية الأوروبية. كما نقلت علامته التجارية إلى تصنيف متقدم من حيث القيمة. فقد تردد اسم الهلال على ألسنة زعماء العالم، وكان حديث القمم السياسية.
* استحواذ سمو الأمير الوليد بن طلال على نادي الهلال يعني الضمان -بعد الله- لمستقبل هذا النادي في البقاء بالقمة المحلية والآسيوية والعالمية. ومن المتوقّع أن يواجه هذا الاستحواذ بأرقامه الفلكية بتيارات ناقدة وناعقة معاكسة استفزتها هذه الخطوة التي تعكس حجم وقيمة ومكانة الهلال، وما سوف تحققه له من نمو متصاعد اقتصادياً واستثمارياً وإدارياً وفنياً.