عبود بن علي ال زاحم
أحيانًا تختصر صورة واحدة ما تعجز عنه مئات الصفحات. لقطة فقط للاعب يجلس على دكّة البدلاء- يبدو مُحبطًا رغم جاهزيته، وآخر يغطّي ملامحه تمامًا- تكشفان حقيقة مرّة في الحياة المهنية: القيمة وحدها لا تكفي... إن لم تجد من يراها.
في كل مؤسسة، كما في كل فريق رياضي، هناك أشخاص يملكون المهارة، الانضباط، والنية الصادقة لصناعة الفارق. أشخاص يعملون بصمت، ويقدّمون الكثير دون ضجيج. لكنّ الحقيقة المؤلمة أن النجاح لا يُبنى بالقدرات فقط، بل يُبنى أيضًا بوجود مدير يؤمن بك، يدعمك، ويمهّد لك الطريق لتُقدّم أفضل ما لديك.
الموظف الذي يعمل دون دعم يشبه لاعبًا مستعدًا بدنيًا وذهنيًا، لكنه محبوس على مقاعد الاحتياط دون تفسير. قد يكون الأفضل، قد يكون الأكثر جاهزية... لكنّ التجاهل قادر على أن يكسر ما لا تكسره أقسى الهزائم.
فالإحباط لا يأتي من العمل، بل من انعدام التقدير.
كم من «صلاح» في كل المجالات -أسماء كبيرة وصغيرة- تجاهلها مدير مباشر، فخسرتها المؤسسة دون أن تشعر، وكم من كفاءات دفنتها القرارات المتسرّعة، أو الأهواء الشخصية، أو غياب العدالة المهنية.
والأخطر... أن المؤسسات التي لا تقدّر موظفيها تفقد مستقبلها قبل حاضرها.
الدعم ليس رفاهية، بل مسؤولية أخلاقية ومهنية. المدير الحقيقي هو من يعرف أن دوره ليس السيطرة، بل التمكين. ليس الظهور، بل إبراز فريقه. ليس المحاسبة فقط، بل الاحتواء والعدل وتوزيع الفرص بإنصاف.
ولكل مدير إدارة أو قائد فريق، تذكّر:
«أعطِ كل ذي حقٍّ حقه... فالرزق بيد الله، ولا أحد يأخذ مكانًا كُتب لغيره».
ستُسأل يومًا -مهنيًا وأخلاقيًا- عن الأشخاص الذين مرّوا تحت قيادتك:
هل أنصفتهم؟
هل سمعت صوتهم؟
هل قدّرت تعبهم؟
أم كنت سببًا في انطفائهم؟
وفي المقابل، لكل موظف يشعر أنه على مقاعد الاحتياط رغم جهده:
لا تجعل تجاهل الآخرين يطفئ نورك. اعمل، طوّر نفسك، واحتفظ بقيمتك... فالله يعدل، والزمن يكشف، والفرص لا تُغلق إلا على من يغلقها على نفسه.
وفي النهاية نقول:
سواء كنتَ موظفًا في مكتب أو لاعبًا في ملعب، تذكّر دائمًا أن النجاح منظومة متكاملة... تبدأ من الإنسان، وتُصنع بالدعم، وتستمر بالعدل.
** **
- خبير تدريب وتطوير المواهب وعضو الجمعية السعودية للموارد البشرية