علاء الدماصي
بعضهم يلهب قلبك ويغذي عواطفك الجياشة بأسمى آيات النفاق، أو يتداول رسائل الصالحين ومواعظ الحكماء عبر وسائل التواصل، وبعضهم تشعرك صفحته بأنه المهاتما غاندي أو جيفارا في ثوب الناسك الزاهد، أو أحد تابعين الصحابة والأولياء والصالحين، وفي واقع أمرهم تستغيثا الأرض والشجر والدواب من أذاهم وأكاذيبهم، ولكن تلك النوعية منافقون غير ظرفاء.
في الواقع أن هناك منافقين ظرفاء تضحك كلماتهم حينما تكتب، وتكاد تبتسم شفاتهم ساخرة من أكاذيبهم التي فاقت حدود المنطق واخترقت حدود الضمير.
وما يؤكد شدة خطورة المنافقين على المجتمع، أن الله سبحانه وتعالى خصص له الدرك الأسفل من النار، فتخيل عزيري القارئ، كيف حال المجتمع حينما يقلب الحق إلى باطل ويزين الباطل للفاسدين والمفسدين.. تخيل كيف حال المجتمع حينما يتعامل الناس مع بعضهم بالأقنعة، حينما يتصافحون الناس بالأوجه ويتبارزون بالكلام السام في الظهور، كيف حال المجتمع حينما تصبح المبادئ وسيلة وليس غاية ويصبح الضمير برواز وليس جوهر.
إن استماعكم إلى حديث أحدهم كفيل بنشر هذا الفيروس واتساع دائرته يجعل النفاق المجتمع ضعيف ومفكك، بحيث يخلو من الوئام والثقة فيما بين أفراده بعدما يغيب الصدق عن دائرة الواقع ونفتقد الإخلاص في العلاقات والمعاملات، نحن نحتاج إلى تربية حكيمة للأجيال، فالأجيال التي تتعلم الصدق والمروءة والإخلاص ستصبح أجيالا قوية ومحبة للوطن، تسعى لرفعته وتحسينه، وينمو بداخلها الانتماء الحقيقي للمجتمع والوطن، بخلاف المنافقين وهم الخامة الأساسية للخيانة الذين مع كل ريح يميلون.
أتفق جيداً مع مقولة الكاتب أحمد بهجت: «لقد خلق الله تعالى الناس أحرارا وسجنتهم الأكاذيب والأباطيل والاوهام والقهر»، وقياساً على ذلك أؤكد أن النفاق أشد خطورة على المجتمع من الأوبئة التي نستطيع أن نراها ونرصدها ونعالجها، أما توابع النفاق ستنتشر آثارها ويتسع مداها وتؤثر على السلم المجتمع، فكيف سيكون الحال لو أصبح معلم ابنائك مدرسا منحرفا، أو يوعظك شيخ منافق أو يحكم بين الناس رجل كاذب، او يمثلك في البرلمان فاسد!
ثمرات الفكر
بعض البشر يستمتعون بأداء دور الممثل، يشبعهم تصفيق الجماهير لهم، ويبهرهم صوت المصفقين والمهللين، هم يدركون جيداً أنهم يمثلون ببراعة على مسرح الحياة، ولكنهم يستحقون الشفقة، لأنه لايدركون أن جماهيرهم ممثلون حقيقيون أكثر منهم براعة!
وللأفكار ثمرات مادام في العقل كلمات، وفي القلب نبضات، مادام في العمر لحظات.