إبراهيم بن يوسف المالك
الاجتماعات في بيئات العمل كثيراً ما تتحول إلى استنزاف للوقت والجهد، دون أن تحقق المخرجات المرجوة. وفي عالم الشركات الكبرى حيث الوقت يُقاس بالنتائج، وضع جيف بيزوس - مؤسس أمازون - ستة قوانين بسيطة لكنها حاسمة، غيّرت ثقافة الاجتماعات في شركته، وساهمت في جعلها أكثر إنتاجية وارتباطاً بالعميل. هذه القواعد يمكن أن تكون مرجعاً عملياً لأي مؤسسة تسعى لتعزيز الكفاءة.
أول هذه القواعد هي «قاعدة البيتزاين»، التي تعني أن الفريق المشارك في الاجتماع لا ينبغي أن يزيد عدده على ما يمكن أن تشبعه قطعتان من البيتزا. والهدف هنا أن تظل الاجتماعات محدودة العدد، لأن كثرة الحضور تؤدي إلى تشتيت القرارات وإطالة النقاش. فرق صغيرة تعني حواراً أسرع ومخرجات أوضح.
القانون الثاني هو منع العروض التقديمية بالباوربوينت. بدلاً من ذلك، يلتزم المشاركون بكتابة مذكرات سردية تفصيلية تُقرأ في بداية الاجتماع. هذه الخطوة أجبرت الجميع على التفكير العميق وصياغة أفكار واضحة بعيداً عن البهرجة البصرية التي قد تخفي المشكلات.
أما القانون الثالث فهو البداية بالصمت، حيث يخصص أول 15 دقيقة من الاجتماع لقراءة المذكرة بهدوء. بذلك يتساوى الجميع في المعرفة، ويُتاح المجال للتفكير الفردي بعيداً عن الضغوط.
القانون الرابع هو الكرسي الفارغ الذي يمثل العميل. وجود هذا الكرسي الرمزي يذكّر الحاضرين بأن الهدف النهائي لأي نقاش هو خدمة العميل لا غيره، وأن القرارات ينبغي أن تُبنى على مصلحته.
القانون الخامس يتمثل في تشجيع الاختلاف ثم الالتزام. بيزوس كان يشجع الحاضرين على الجدال والنقاش المفتوح، لكن بمجرد اتخاذ القرار يصبح الالتزام واجباً على الجميع. بهذه الطريقة يضمن الفريق التنوع في الطرح، وفي الوقت ذاته يمنع الانقسام بعد الخروج من القاعة.
وأخيراً، القانون السادس هو الوضوح في الملكية، حيث لا يُختتم أي اجتماع إلا بعد تحديد المسؤوليات بوضوح: من يقوم بماذا، ومتى. بهذه الطريقة تتحول الاجتماعات من نقاشات نظرية إلى خطط عملية قابلة للتنفيذ.
هذه القواعد الستة تبدو بسيطة، لكنها تعكس فلسفة إدارية عميقة: الفاعلية تولد من الانضباط، والانضباط يقود إلى الوضوح، والوضوح يضمن النتائج. وربما هنا تكمن الرسالة الأهم لمديري الشركات والهيئات: إذا أردت لاجتماعاتك أن تكون ذات قيمة، فلا تنشغل بطولها أو كثرة حضورها، بل بمدى وضوح أهدافها ومخرجاتها.
خلاصة القول: الاجتماعات الناجحة ليست تلك التي تمتلئ بالكلام، بل التي تنتهي بخطط واضحة ومساءلة حقيقية. والسؤال الذي ينبغي أن يطرحه كل قائد على نفسه في نهاية أي اجتماع هو: هل خرجنا اليوم بقرارات قابلة للتنفيذ، أم خرجنا بوقت ضائع؟.