عبدالعزيز صالح الصالح
يعيش المرء منذ أن وجد على سطح هذه الكرة الأرضية الواسعة في تحد دائماً مع كافة الظروف التي تحيط به من كل جانب وذلك من أجل أن يؤمن عيشه من جهة ورفاهيته من جهه أخرى وأن يبتعد عما يشغل فكرة وعقله عن أسرار الآخرين، فهو يقود صراعاً تارة، ويحاول المهادنة تارة، حتى يستطيع تذليلها بشتى الطرق والإنسان عبر رحلته الطويلة في هذه الحياة الشاقة استطاع بعد توفيق الله أن يواجه هذه الصعاب وهذه التحديات حتى يحقق ولو جزءا يسيرل من انتصاراته الهائلة رغم التيارات والعقبات المتعددة التي تعترض سبيله، وذلك من أجل الابتعاد بقدر الإمكان عن شؤون الآخرين بشكل عام والبعض من الناس في عرف اللا منتمي رعاع تافهون مشغلون في خصوصيات الآخرين ومتطفلون مع الأسف الشديد، لا يستطيعون الفرار من هذه الظاهرة السيئة التي تسري في دمائهم مما يجعلهم يشعرون بالمتعة والفرحة عندما يحصلون على أهدافهم وغاياتهم فالبعض من هؤلاء المتطفلين ينحرفون عن مسار الحياة السوية والحالة النفسية غير المتعادلة مع ذاتها، فهم لا يشعرون بأخوانهم الآخرين، فهم كمن يعيش في غابة تحيط بها كافة الذئاب المفترسة، محكوم عليه أن يعيش وجهاً لوجه مع الشر، فهو يرى أنه مضطر رغم أنفه إلى كشف أسرار الآخرين فهو يملك أبجديات الفضول التي تدفهم إلى معرفة كافة الأمور المتنوعة، فالبعض منا لديه رغبة ملحة في معرفة أسرار الآخرين بشكل عام فهذا يعد سلوكا سيئا ومعيبا وأسلوبا غير مستحب سواء من الناحية الشرعية أو الناحية الاجتماعية، فهو في واقع الأمر، صفة سيئة وذميمة، وقبيحة، تسبب القلق، والإزعاج والإحراج للآخرين! فالواجب على كل إنسان نزيه ومستقيم أن يبتعد بقدر الإمكان عن هذه الظاهرة الاجتماعية السيئة. فإن الرجل المتطفل لا يكتفي بمعرفة أسرار المرء الواحد فقط، بل يحاول أن يبحث عن أسرار الآخرين بطرق ملتوية يستخدمها أثناء الحوار أو النقاش - فتجد الفرد المتطفل حواسه دائماً يمنه ويسره، وعدساته متسلطة على كل الجوانب وغير مستقرة، وغير ملتزمة، وغير أمنة ومسامعه مرهفة، يحاول بشتى الطرق أن يتسلق على أكتاف الآخرين، ويتدخل في علاقات ليس له حق في ذلك، بل يحاول أن يملك معلومات وأخبارا عن الآخرين، حتى يتمكن بعد فترة من الوقت أن يعلنها بكل يسر وسهولة وبكل وسيلة ممكنة بدون خوف من الباري عز وجل ولا خوف من الناس - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستر عبدعبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) رواه مسلم. وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه) رواه الترمذي.
ومن خلال ما ذكر آنفاً عن هذه الظاهرة السيئة، فالواجب على كل إنسان منا أن يبتعد بقدر المستطاع عن هذه الخصلة الذميمة حتى ندرك تمام الإدراك أن السعادة الحقيقية، هي فتح قلوبنا لنور الأمل الكبير الذي ينبثق من إيماننا بالله جلت قدرته، فنشعر بارتياح تام يغمرنا ويدخلنا بإحساس الرضا والطمأنينة بذكر الله - كما قال الحق تبارك في محكم كتابه الكريم - {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.