محمد العويفير
خرج المنتخب السعودي من بطولة كأس العرب، وخرج معه الإحباط المعتاد لكن دون مفاجأة حقيقية، الشارع الرياضي السعودي لم يُصدم ولم يُفاجأ، ولم يتعامل مع الإقصاء كحدث استثنائي، بل كحلقة جديدة في مسلسلٍ بات مألوفًا، يُغذّي شعور الاستياء ويُعمّق فجوة الثقة بين المنتخب وجماهيره.
هذا الخروج لم يكن مجرد خسارة مباراة، بل امتدادٌ لحالة فنية وإدارية مهترئة نعيشها منذ سنوات دون حلول حقيقية.
الحديث عن المنتخب يقودنا مباشرة إلى المدرب رينارد الذي كنت حتى وقتٍ قريب من المؤمنين بأنه المدرب الأنسب لقيادة المنتخب في هذه المرحلة، كنت أرى أن الانتقاد الموجّه له في فترات سابقة مبالغ فيه، وأن الحكم عليه يجب أن يكون بالصبر والوقت، لكن ما ظهر في هذه البطولة كان نسخة أخرى تمامًا من رينارد، نسخة مختلفة ومقلقة ومليئة بالتناقضات، فمنذ أول مؤتمر صحفي بدأت الشكوك عندما تحدث عن عدم مشاركة اللاعبين مع أنديتهم كمبرر للأداء، كان ذلك تصريحًا مستغربًا وسهل الدحض، حينها كتبت وخشيت أن يكون هذا التصريح مجرد تجهيز لعذرٍ مسبق، وهذا ما رأيناه لاحقًا بالفعل.
رينارد الذي كان يتحدث بثقة ووضوح، أصبح يتحدث بلغة تبريرية، مليئة بالأعذار الواهية، وبخطاب غير منطقي، تصريحاته لم تعد تطمئن، بل باتت تقلق حتى أكثر المؤيدين لاستمراره، المدرب للأسف بدأ يسحب الثقة من نفسه بنفسه.
واحدة من أبرز الإشكاليات كانت التناقض الصريح في مبرراته، يتحدث عن عدم استدعاء بعض اللاعبين بحجة نقص الخبرة الدولية، بينما في المقابل يعتمد على لاعبين كانت كأس العرب أول بطولة دولية لهم مع المنتخب. أي منطق هذا؟ وأي معيار يتم العمل به؟
الأمر لم يتوقف هنا، بعد الخسارة أمام الأردن تحدث عن مباراة تحديد المركز الثالث والرابع، وطلب التركيز عليها، وكأن هذا هو سقف طموح المنتخب السعودي. رسالة خطيرة تصل للجمهور: هل هذا ما نطمح إليه؟ المنتخب السعودي، لا يمكن أن يقوده شخص بطموحات منخفضة ومحدودة.
حتى لو خرج تقييم فني يوصي باستمرار رينارد، فإن تصريحاته وحدها كافية لبث القلق، المشكلة لم تعد في النتائج، بل في الخطاب، في الانكسار، وفي التناقض وغياب الوضوح.
ومع ذلك، من الظلم اختزال المشكلة كلها في المدرب، أزمة المنتخب السعودي أعمق وأكبر، تبدأ من اتحاد متخبط نكرر الحديث عن إخفاقاته، ونملُّ من تكرار النقد، دون أن نرى إصلاحًا حقيقيًا، ولاعبون يظهرون في مباراة ويغيبون في عشر، بلا ثبات بلا شخصية، وبلا تحمل للمسؤولية.
رسالتي
الخروج من البطولة مؤلم، لكنه مؤلم أكثر لأنه أصبح متوقعًا ومتوقعًا جدًا، أرادوا الاقتداء برجل المشروع في المغرب، ولكن يبدو أنهم أحضروا «الرجل» ونسوا «المشروع»!.
** **
- محلل فني