سلمان بن محمد العُمري
من واجب شكر النعم: أن يستعملها صاحبها في فعل الخيرات، واكتساب المكرمات، ونفع الناس، وتفريج كرباتهم، وتخفيف آلام المكلومين، ومسح دموع اليتامى والأرامل وذوي الحاجة، وهذا من صفات الكرام والأجواد، ومن مقتضيات الطبائع السليمة، وقد روى لنا التاريخ أخباراً لكرام الرجال الذين شهد لهم بالمواقف الطيبة الكريمة في تفريج الكربات وقضاء حوائج الناس، وعاصرنا بأنفسنا أشخاصاً خلدوا ذكرهم ومآثرهم الحميدة بسبب سعيهم في فعل الخيرات، ونفع الناس فسخّروا جاههم، ومناصبهم، ومالهم في كل خير، ولايزال الناس يدعون لهم بالأجر والمثوبة، ويذكرونهم- بكل خير - في المجالس واللقاءات، مع ما ينتظرهم من الجزاء الأوفى، والثواب الأعظم عند الله -تعالى- الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا.
ومن الكلمات الشائعة والدارجة لدينا كلمة «أبشر» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب البشارة، ويكثر من قول «أبشر» قال صلى الله عليه وسلم: «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا»؛ فما أجمل أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا وأسوتنا.
إن كلمة «أبشر» تحمل دلالات عظيمة ولا تصدر إلا من نفوس صادقة زكية متأسية برسولها الكريم ذي الخلق الحسن الكريم فطوبى لمن لزم ذلك ولزم الصدق والطيب من القول فإلى الله عز وجل يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، وطوبى لمن أنفق من ماله وأمسك الفضل من قوله، وطوبى لمن قال خيراً فغنم أو سكت فسلم.
في بلادنا تعني كلمة «أبشر» حاضر، سمعاً وطاعة، وهي بشارة اطمئنان بالخير قولاً وفعلاً، وهي مما يثلج الصدر، ويسعد القلب.
وكلمة أبشر لا تقال في الأغلب إلا عند الطلب، وهنيئاً لمن لبى مطالب الخلق بما يرضي الله عز وجل، وكل كلام وعمل لا يضر في دينك ولا يسخط ربك وترضي به من حولك فلا تكن بخيلاً به، بل سيثيبك الله عز وجل، وفي الحديث الصحيح: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فكلمة طيبة».
فشكراً لمن لا يحبس الكلام الطيب في قلبه ولا يكتمه عن أحد، وشكراً لمن يصنع البسمة على شفاه الناس وعلى قلوبهم بكلماته الطيبة وأفعاله الجميلة، ويبعث فيهم التفاؤل وتكون كلماته كالبلسم الذي ينتج السعادة والأمل والحب وكل شيء جميل.
ولا تحقرن من المعروف شيئًا فالكلمة الطيبة قد تغير مسار أحدهم، وقد تكون هذه الكلمة الغرسة الأولى والبذرة المباركة في حياة البعض، ولذا كانت الكلمة الطيبة عبادة وصدقة فامنح الأمل والطمأنينة في نفوس الآخرين مهما كانت الظروف.
* وقفة للشاعر عبدالمجيد العُمري:
أبشر.. وتم.. وسم.. والله يحييك
عوايد لأهـل الكرم والشهامة
جمايل وقت الملازيم ترويك
ويقدمون الطيب حبُ وكرامة
وأشوف.. وما أدري.. وهرجة ما تقديك
طبايع لأهل الردى والرخـامة
وترى المواقف يابن الأجواد تنبيك
من هو طبوعه طيب ولا لآمة