الهادي التليلي
عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية كانت في شكل تمظهرها حرباً بين حلفين الأطلسي والشرقي ومع تقدّم الأيام بردت حمية الغرب وحافظ الروس على توازنهم وحتى لحظة الدعم الأمريكي شبه المباشر لم يكن كافياً بأن يشعر الروس أنهم أمام قوة عسكرية يقرأ لها ألف حساب وإنما قائم مقام عدة دول غربية لها حسابات اقتصادية لأن الحرب في جوهرها كانت حرباً للقمح والطاقة.
الغرب مع قرب كل شتاء يزداد خوفهم من الحرب لأنهم يخشون الظلام الدامس وانقطاع الكهرباء ونقص القمح.
روسيا تعي جيداً خوف الغرب من الحرب شتاء وهي التي قضت على هتلر أيام الاتحاد السوفياتي وفي نهاية الحرب العالمية في هذا الفضل الذي لا يعرف أسرار الحرب خلاله أحد أكثر منهم.
روسيا تفضِّل التفاوض الآن في هذا الفصل وتهدِّد بالحرب الحاسمة والغرب يمارس خطة النعامة بغرس الرأس في رمل الشأن الداخلي وأمريكا تحولت من خط الداعم العسكري شبه المباشر إلى الوسيط في الحوار، وأما أوكرانيا فتعي جيداً أن من دفعوها للحرب سابقاً اختاروا سياسة الخلاص الفردي.
الإعلام العالمي وبخاصة الغربي بدوره مارس خطة النعامة خشية أن يتهم بتوتير الأجواء وإشعال الفتنة وربما الاغتيال وتحول إلى إعلام الحياد المهني بحكم أكده من عدم الثبات على مبدأ واحد لدى قادة الحلف الأطلسي.
الشتاء القاسي يدق أبواب القارة العجوز وروسيا تعلم جيداً أن كابوس الطاقة في شتاء أوروبا يخيم على أذهان شعوبها أكثر من أي شيء آخر.
ألمانيا تتوجس خيفة من تصريحات بوتين الأخيرة والتي أعلن فيها صراحة استعداده للحرب ومما عمَّق الكابوس أكثر هو غياب ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي عن اجتماع وزراء خارجية النيتو والتبرير الأمريكي بأن أمريكا لديها مليون ملف آخر غير ملف أوكرانيا، أمريكا اختارت سياسة النأي عن المواجهة وأوروبا غير مستعدة لنصرة أوكرانيا في حربها ضد الروس وزيلنسكي أعطى كل ثروات أوكرانيا لترامب ولم يحصد شيئاً.
الكيان الصهيوني الذي كان يلعب دور الوسواس الخنَّاس بين القيادة الديمقراطية وزيلنسكي لإشعال فتيل تلك الحرب أدار وجهه المشهد كأنه لا يعلم شيئاً خاصة بعد ما قامت به من ممارسات عدائية على سوريا.
روسيا التي خسرت الكثير من سمعتها بانكسار حليفها بشار في سوريا اختارت الشتاء لتزأر في وجه القارة العجوز التي تعي جيداً قوة الدب الروسي في حروب الشتاء.