اللواء م/عبدالله بن كريم العطوي
تقاس عظمة الرجال بقدر ما يسطرونه في ذاكرة التاريخ، وما يوجدون من إنجازات لشعوبهم بما يعينها على تغيير واقعها وبناء ركيزة حضارية تتعامل بوعي ومسؤولية مع متغيرات العصر ومتطلباته، وفي زمنٍ تتبدّل فيه ملامح العالم بسرعة الضوء، يمكن القول إن الأمير/ محمد بن سلمان يُعدّ أحد أبرز القادة الشباب في العالم الذين تحمّلوا مسؤولية تاريخية تفوق أعمارهم الزمنية، وهذا ليس مجرد انطباع إعلامي بل واقع ملموس في المشهد السعودي والعالمي.
فمنذ تولّيه ولاية العهد عام 2017، وجد الأمير نفسه أمام إرث ضخم فبرز كشخصية فذة تجمع بين طموح الشباب وعقل القادة الذين تصنعهم التجارب لا السنين. ولم يكن عمره حاجزًا أمام الحلم، بل كان وقوده. فحمل على عاتقه مسؤوليةً تفوق عمره بمرات، ومسارًا إصلاحيًا اختصر عقوداً من الانتظار، ففي أقل من عقدٍ واحد من العمل الحثيث وضع المملكة في مسار جديد، لا يسير فيه بخطى الحذر، بل بخطى الواثق الذي يرى أبعاد الأفق. فطرح رؤيته الاقتصادية الطموحة التي حرّرت الاقتصاد من أسر النفط، وأقر مشروعه الاجتماعي الذي فتح النوافذ للحداثة دون أن يُغلق الأبواب على الهوية السعودية.
وأوجد تموضعا سياسيا للمملكة كقوة إقليمية مؤثرة تتعامل بندّية مع القوى الكبرى، وكما هو معلوم فإن مسئولية بهذا الحجم، لا تخلو من ضغط نفسي وسياسي هائل. حيث إن التعامل يوميًا مع قرارات تمس اقتصاد 35 مليون مواطن، وإيجاد توازن بين الدين والسياسة والعلاقات الدولية والطموحات الشبابية، هو عبء ثقيل يتطلب شجاعة واتزانًا نادرين، لكن ما ميز الأمير أنه رغم هذه الضغوط يتحدث بلغة الواثق والمُلهِم، لا بلغة المتردد، مما أعطى انطباعًا بأن شخصيته القيادية نضجت بسرعة تفوق عمره، فأصبح الأمير يجسّد صورة القائد الذي لا يكتفي بإدارة الحاضر، بل يصنع المستقبل.
وبالرغم من التحديات التي تحيط به من كل اتجاه، لا يعلو صوته إلا بلغة الأمل والعمل. يُخاطب الشباب بلغتهم، ويخاطب العالم بمنطق الدولة الحديثة، فأصبح في نظر كثير من دول العلم ظاهرة قيادية فريدة، وصوت مميز للمستقبل السعودي في مسيرة وطن بحجم العالم.