حمد عبد العزيز الكنتي
يُحب الناس بشكل عام الشخص صاحب الروح الجميلة والطلة البهية، الشخص الذي إذا حضر لمجلس غادر الحزن منه، وإذا جاء إلى أي مكان اصطحب معه السعادة، يمضي هنا وهناك ترافقه هالات الفرح، وتصاحبه طاقات المرح التي ينثرها بكل الحب على الجميع.
ولأن النفوس جُبلت على من يُحسن عليها فإنها أيضا تحب -وهذا من الإحسان- من يدخل السرور والبهجة عليها، فالفظّ لا مكان له عند الناس! وثقيل الدم يهرب منه الجميع، والعبوس يبقى وحيداً، والمتجهم يخافه الكثير، والمتشائم يفر من أحاديثه البشر، والسلبي يبقى في الأخير لا يعبأ به أحد كما قالوا: (إذا حلّ الثقيل بدار قوم فلا يملك الساكنون سوى الرحيل).
والذي علينا قوله إن «الروح الحلوة» لا تأتي بالتصنع الفارغ من معناه، وإنما تخرج من القلوب النقية الصافية البهية، تلك القلوب التي هيأها أصحابها للعطاء الروحي فسكنها السلام الداخلي، تلك القلوب التي وهبها الله وهجاً تَرى انعكاساته شغفاً في عيون الناس، وتَلمح نتائجه في بسماتهم الصادقة.
هؤلاء إذا دخلوا إلى مجلس لم يستأذن أحد، وإذا حضروا إلى مكان تجمهر حولهم الكثير، وإذا تحدثوا أنصت الكل، وإذا تحاوروا آنسوا وأفرحوا وأسعدوا.. يتمنى الكل مجاورتهم، ويتطلع الجميع إلى مجالستهم.
فطاقتهم الإيجابية تدخل للقلوب بلا مفتاح، وهالتهم المطمئنة تبث روح الطمأنينة في الوجدان بلا استئذان.. أدامهم الله بهجة للحياة، وأقامهم كمنابر للضحك وأيقونات للسعادة.
هم يُعيدون للعالم صوابه، ويمنحون للكون بهجته، ويجعلون للسعادة معنى ويضيفون للفرح مغنى.. ولأنهم رُسل السلام وسُفراء السعادة «لا يقتلون المتعة»، ومعهم يتجدد الأمل ويذهب الألم، وبرفقتهم تحلو الأوقات وتزدان اللحظات، وبهم تزداد طاقة الكون السعيدة، ويخف مستوى الحقد والكراهية.. هم يجمعون ولا يفرقون، وبوجودهم يسعد العالم ويضحك الكون.
وأعجبني وصف الشاعر محمد عبدالباري لهم في قصيدة الأصدقاء:
الداخلون إلى المعنى علانيةً
ودونهم تسقطُ الأبوابُ والحرسُ
مروا خفافاً على ما شفّ من لغتي
ثمّ اطمأنوا إلى الأعماقِ فانغمسوا
حكمة المقال:
الناس مرايا لما في داخلنا، ولكي نخرج لهم الجمال لابد أن نزرعه فينا أولاً، وكما يقال: (كل إناءٍ بما فيه ينضح).. فالروح الحلوة من الأشياء التي لا تُشترى.