إيمان الدبيّان
إن كان العالم باليوم العالمي للغة العربية يحتفل، فنحن في الحرمين وفي كل فرض وفي كل بقعة أرض، صلاتنا بلغتنا تكتمل.
فالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام وبلغة يحلو بها الكلام، ونخاطب بها رب الأنام بقرآن نزل بلسان عربي مبين محفوظ من الحافظ للعالمين.
نعم، نشارك العالم هذه المناسبة تفاعلاً، وتأملاً، فلغتنا خالدة ما دامت صلاتنا قائمة وآيات قرآننا ذائعة، نستشعرها نتفكر بمعجزها وبليغها، بفصيحها ونادرها، بشِعرها ونثرها، نتمسك بها لغة ولهجة نناظر من خلالها العالم بما نحمله من رسائل وفكر، ونصافح بعذوبتها أفئدة البشر، فتلين بالسلس منها قلوب كالحجر.
إن اللغة العربية لغة عالمية ضاربة في عمق التاريخ تتنوَّع لهجاتها الفصيحة وتتعدد قراءاتها البديعة، تترادف كلماتها وتضاد مفرداتها بعلم البيان والبديع والمعاني، في كثير من الحديث بها شجون، وفي قصائدها عروض وبحور تضبط إيقاع الأوزان وتحبك القوافي ترانيم بإتقان.
إنّ الّذي ملأ اللغات محاسنًا
جعلَ الجمالَ وسرّه في الضّاد
أفلا يحق لي ولك ولنا كلنا أن نفخر بلغتنا لغة صلاتنا؟!
ألا يجب علينا أن نتحدث بها فصاحة في محافلنا الدولية ومؤتمراتنا العالمية واجتماعاتنا المحلية وإن تعددت اللغات الأجنبية وقالوا عن بعضها بأنها لغات عالمية؟!
لا لغة عالمية أكبر وأشمل من اللغة العربية بميزاتها العديدة وجمالياتها الأكيدة الصريحة والضمنية؛ لذا أعتز بلغتي حديثا وأصالة، إرثاً وهوية.
نعم، نتعلَّم ونتقن اللغات الأجنبية؛ ولكن لا نغيِّب لغتنا العربية، نكتبها بأجمل فنون الخط بمداد الذهب، وننطقها بأثمن درر اللفظ كما يجب، ونضمنها أحدث التقنيات والصناعات ونجعل بها التطور بعيداً عن كل صعب. لن أتحدث عن النقوش العربية التليدة، ولا عن المعلقات الفريدة، ولن استشهد بآيات أو أبيات عديدة، ولا عن النوادر والإبداعات اللغوية العجيبة، لأنها ستأخذ مني ومن أي باحث ومتزوِّد وقارئ وكاتب مساحات كبيرة وساعات وأياماً كثيرة.
إن المثقف من يتحدث بعربيته شامخاً ويحمل فكراً منضبطاً ساطعاً فالثقافة هوية وقيمة وليست تبعية عقيمة.
في المملكة العربية السعودية أسست المجمعات اللغوية العالمية ومنها مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، والمعاهد المتخصصة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في معظم الجامعات الحكومية والخاصة دليلاً شاهداً نحو مستقبل واعد وحاضر رائد وماض وأكد أن لغتنا العربية لغة حاضرة سائدة.
أشارك العالم هذا اليوم لأقول أن لغتي هي قيمتي الدينية وهويتي الوطنية وحضارتي العالمية وثقافتي الفكرية وبنيتي المجتمعية في وطن يعتز بأصالته ويؤصِّل هويته.