صيغة الشمري
في خطوة إستراتيجية لدعم اقتصادنا، تعكس تحولاً ملموساً في السياسات التشجيعية لقطاعات الإنتاج، اعتمد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله-، قرار إلغاء المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية المرخصة، مما يعد امتداداً للتحفيزات السابقة ويكرس دعم قيادتنا الرشيدة للقطاع الصناعي باعتباره ركيزة أساسية في تنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
إن أهمية القرار تكمن في كونه لا يقتصر على مجرد تخفيض تكاليف التشغيل، بل يتجاوزه إلى تعزيز تنافسية الصناعة السعودية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، خصوصاً أنه سيسهم في خفض الأعباء المالية على المصانع، مما يتيح لها التوسع في الإنتاج، والاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي، وجذب المزيد من الاستثمارات النوعية. كما أنه سيعزز التنمية الصناعية المستدامة ويطور القدرات الوطنية، ويحفز بيئة الابتكار والتصنيع المتقدم.
وهذا الحديث ليس من فراغ، فإذا نظرنا لفترتي الإعفاء الأولى والثانية بين عامي 2019 و2025، نجد أن عدد المنشآت الصناعية قفز من نحو 8,800 منشأة إلى أكثر من 12 ألف منشأة، وارتفع الناتج المحلي الصناعي من 322 مليار ريال إلى 501 مليار ريال، فهذه الأرقام تعكس بوضوح حجم التحول في عمق الصناعة السعودية بفضل القرار الحكيم.
وفوق ذلك، يحمل القرار بين طياته رسائل إيجابية للمستثمرين المحليين والأجانب، فهو يعكس حرص المملكة على خلق بيئة صناعية جاذبة وقادرة على المنافسة العالمية، ويضع السعودية في موقع أقوى على خارطة التصنيع الإقليمي، خاصة في ظل منافسة متزايدة بين الدول لجذب رأس المال الصناعي. كما يمكن أن يسهم في زيادة الصادرات غير النفطية وتوسيع حضور المنتجات السعودية في الأسواق العالمية، وهو هدف مباشر من أهداف رؤية 2030 لتعزيز دور القطاع غير النفطي في الاقتصاد.
ومن إيجابيات القرار على مستوى سوق العمل، أنه يسهم في تطوير الكفاءات الوطنية وتأهيلها للاندماج في الصناعات المتقدمة، باعتبار أن العمالة المحلية هي العمود الفقري لتنمية مستدامة. كما أن نجاح النمو الصناعي نفسه يتطلب قوة عاملة مؤهلة، فتخفيف الأعباء المالية يسمح للشركات بإعادة توجيه مواردها نحو التدريب والتطوير.
وفي المجمل، يمثل إلغاء المقابل المالي للعمالة الوافدة في المنشآت الصناعية تحولاً نوعياً في دعم القطاع الصناعي، يعكس رؤية استراتيجية للقيادة الرشيدة -أيدها الله- لبناء اقتصاد متنوع، مرن، وجاذب للاستثمار، فنجاح هذا القرار سيقاس بمدى قدرته على تحويل النمو الرقمي إلى قوة صناعية مستدامة، وهو رهان يبدو اليوم أقرب إلى التحقق من أي وقت مضى.