علي حسن حسون
عادةً، إذا أردنا تطوير مشروعٍ ما، نقوم بدراسة وتحليل وتخطيط جميع جوانب المشروع، بدءًا من تحديد المخرجات التي نرغب في الوصول إليها، وكيف ومتى تتحقق، بشكلٍ مفصل ودقيق، مع شمولية الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها. وعندما تكون هذه المخرجات معروفة وواضحة، تسهُل علينا بقية تفاصيل المشروع المتعلقة بالمدخلات والمعالجات.
وبالنظر إلى ما وصل إليه منتخبنا السعودي اليوم من هبوط في المستوى وتراجع في التصنيف العالمي للمنتخبات، مقارنةً بما كان عليه في عام 2004 حين احتل المركز الحادي والعشرين عالميًا، وهو أعلى مركز بلغه المنتخب، نجد أنه يحتل في العام الحالي المركز الستين (60).
وترجمة ذلك أن المنتخب حقق تقدمه السابق من خلال التركيز الحقيقي على منظومة العمل المتكاملة داخل المنتخب، من لاعبين ومدربين وأجهزة إدارية وفنية.
كنا نمتلك نجومًا ومدربين على مستوى عالٍ من الاحترافية وتحمل المسؤولية داخل المستطيل الأخضر وخارجه، وهو ما نفتقده اليوم. فأصبح المنتخب هشًا، لينًا، تصفعه الرياح من كل جانب؛ فلا المدرب يتحمل المسؤولية، ولا القائمون على إدارة المنتخب قادرون على انتشاله مما هو عليه الآن. فالأسباب واضحة، والحلول متاحة، والعمل على تحقيقها يحتاج إلى تقنين الأدوار ورسم خارطة طريق واضحة المعالم.
اعتبر البعض أن إضافة عشرة لاعبين أجانب في كل فريق بدوري المحترفين سببٌ في تدهور حال المنتخب، بحجة عدم منح اللاعبين السعوديين فرصة أكبر للمشاركة، وهذه ليست إلا «شماعة» تُعلَّق عليها كل خسارة للمنتخب.
فالمنتخب لا يُشترط أن يمتاز بالقوة نفسها التي يمتاز بها الدوري، لأن العناصر التي تمثله قد لا تجد لها مكانًا بين عشرة محترفين أجانب، وهذا أمر طبيعي إذا كنا نطمح إلى أن يكون الدوري السعودي ضمن أفضل عشرة دوريات في العالم.
المنتخب السعودي بحاجة إلى مشروعٍ خاص، كامل ومتكامل، بأهداف ورؤى مستقلة عن الدوري ، فإذا أردنا منتخبًا قادرًا على مقارعة المنتخبات العالمية القوية، فلا بد أن نعمل كما عملوا، وندرس الخطوات التي سلكوها، وكيف تغلبوا على العقبات، وواصلوا المسير حتى حازوا على الألقاب الكبرى في كرة القدم. (ولا أعني هنا المنتخبات التي اعتمدت على التجنيس، فأنا لست مقتنعًا بها).
نحن أمام تسع سنوات تفصلنا عن استضافة كأس العالم 2034، ما يفرض علينا البدء من الآن في العمل على مشروعٍ كبير يمتد لفترة زمنية تُعد طويلة نسبيًا، لكنها فرصة كافية لإعداد وبناء منتخب قوي بمعايير عالية جدًا ومواصفات عالمية. والفكرة في جوهرها سهلة، لكنها تحتاج إلى التطبيق، وهي:
لاعبون سعوديون بعمر 17 سنة يتم ابتعاثهم ودعمهم للعب في الدوريات التي تحتل أعلى المراتب في تصنيف الفيفا .
وطاقم تدريبي مستمر بعقد لا يقل عن 10 سنوات، وليس سنة أو سنتين يعقبها فسخ عقد وشرط جزائي والديباجة المعروفة.
وطاقم إداري متخصص ومستمر، يتمتع بمهارات إدارية عالية، ويخضع لتدريب مستمر طوال فترة المشروع.
إن تنفيذ هذه الفكرة يتطلب الصبر والعمل الدؤوب من القائمين عليها، كما يتطلب من الشارع الرياضي وعيًا كافيًا بعدم استعجال النتائج؛ (فلن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر).