سهوب بغدادي
من منا لا يسعى إلى النجاح؟
إن المشكلة ليست في السعي إلى النجاح، بل في النجاح الذي لا نختاره لأنفسنا، ونطارده خوفًا من أن نشذ عن المعيار السائد والرائج في محيطنا وعصرنا، فما تعريف النجاح؟
هل هو شهادة عليا أو منصب رفيع أو وظيفة مرموقة، أم الغنى الفاحش، والشهرة، والنفوذ؟
إذ تختلف الإجابات من فرد لآخر، وتتباين التعريفات من جيل إلى جيل، فكلما زادت الفجوة بين الأجيال تعاظمت الهوة في تعريف النجاح، باعتبار أن العالم أجمع يتجه نحو التفكير الاستهلاكي والفردانية وتعميم تلك الأفكار عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية، سنجد أن غالبية الأشخاص يسعون إلى تحصيل أمور مادية أو معطى يؤدي إلى تحصيل أمر مادي، فأضحى النجاح المعاصر وسيلة لا غاية لتحقيق الأهداف المأمولة، بالطبع دون أن نعمم تلك القاعدة على الجميع، إنما التفكير السائد والبارز عبر الأصوات المرتفعة هي التي تعكس هذه المعطيات أو تنادي بها علانية، لذا عند سؤال بعض الأطفال السؤال الكلاسيكي: «ماذا تريد أن تصير عندما تكبر» فيرد «أبغى أصير مشهور أو غني أو كلاهما» فعوضًا عن التفكير في مسيرة حياة زاخرة بالعطاء والبذل أصبح الفرد يفكر في كيفية الأخذ وتحصيل الأموال أو على الأقل جلب الانتباه وإثارة الاهتمام، فإن لم يفلح في تحصيل ما سبق ذكره سيقع رهينة الضغوطات الاجتماعية الافتراضية غير المعلنة، ومع تلك التحولات الرقمية المهولة لا يسعنا سوى التسلّح بالوعي الذاتي للتصدي لسلبياتها الطاغية، وإلقاء الضوء على الإيجابيات التي تحملها في طياتها، كما يعد دور الجهات المعنية والمختصة جوهريًا لضبط وتقنين المحتويات الرقمية التي تصل إلى أيدي اليافعين والأطفال، إن النجاح قد يكون ببساطة أن تكون في عالم مليء بالضوضاء وأنت تشعر بالهدوء والسكينة والأجمل أن تكون راضيًا عن نفسك وما حولها بغض النظر عن الألقاب والمعطيات الأخرى.