مجيب الرحمن بن عثمان
لم يعد السؤال اليوم: ماذا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يفعل؟
بل أصبح السؤال الحقيقي: ماذا يفعل بعض البشر بالذكاء الاصطناعي؟
نعيش في عصر تتسارع فيه التقنيات بشكلٍ يفوق قدرتنا على الاستيعاب. الذكاء الاصطناعي بات قادرًا على تحليل البيانات، وإنتاج النصوص، وتصميم الصور، وصناعة المحتوى خلال ثوانٍ. وكل ذلك كان من المفترض أن يفتح أبوابًا جديدة للإبداع، ويمنح الإنسان فرصة ليكون أكثر تطورًا، وأكثر وعيًا، وأكثر إنتاجًا.
لكن المدهش أن بعض الاستخدامات لا تعكس ذكاء الآلة، بل غباء الإنسان.
فما نراه اليوم من إنتاج مقاطع مُفبركة، تُظهر زعماء ومشاهير بتصرفات غير واقعية، أو تنشر الشائعات عبر محتوى مُضلّل مصنوع بالكامل، ليس دليلًا على تقدّم تقني… بل دليل على تراجع أخلاقي.
هذا النوع من المحتوى لا يعبّر عن قوة التكنولوجيا، بل عن هشاشة العقول التي تستخدمها لإثارة الفوضى، وتشويه السمعة، وصناعة الضجيج بدل صناعة المعرفة.
الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا لنا؛ هو مجرد أداة. وكل أداة تعكس يد من يستخدمها:
- في يد العالم.. تصبح وسيلة لابتكار حلول.
- في يد المبدع.. تصبح مساحة للإلهام.
- في يد الجاهل.. تصبح وسيلة للعبث.
- وفي يد المُغرض.. تتحوّل إلى سلاح للتضليل.
لذلك، ليست المشكلة في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في التحوّل الواضح نحو «الغباء الصناعي»:
استخدام تقنيات عملاقة في صناعة محتوى صغير، رخيص، ومسيء.. لا يضيف شيئًا للبشرية سوى المزيد من الصخب.
إن مسؤولية صون الحقيقة، وحماية سمعة البشر، والحفاظ على الوعي العام، تقع على الإنسان أولًا.
فالذكاء الذي نحتاجه اليوم ليس ذكاءً تصنعه الآلات، بل ذكاءً يصنعه الضمير.