علي حسن حسون
إن كثيرًا من المسميات الحالية للمحلات التجارية تفتقد إلى الاعتزاز بالهوية العربية، إذ اتجهت نحو تعريب اللغة الإنجليزية أو الإسبانية وغيرهما من لغات العالم، في مشهد يعكس ابتعادًا تدريجيًا عن أصالة اللسان العربي.
ولا شك أن هذا الأسلوب قد يوحي بانفتاحنا على ثقافات متعددة، وبامتلاكنا مسميات مستمدة من حضارات مختلفة، في محاولة لإدراجها ضمن مفرداتنا اليومية حتى تصبح لغة دارجة في المجتمع، وكأن ذلك دليل على مواكبة العالم. وهذا من حيث المبدأ أمر جميل، فالمملكة العربية السعودية عرفت الانفتاح على الشعوب الأخرى منذ مئات السنين، بحكم مكانتها الدينية وقيمتها الاقتصادية، وهو واقع تاريخي لا يمكن تجاهله.
إلا أن المشهد اليوم بات مختلفًا؛ فالمملكة لم تعد متأثرة بما حولها بقدر ما أصبحت مؤثرة، وصوتها يصل صداه إلى العالم، والأنظار تترقب ما هو جديد في الشارع السعودي ثقافةً وهويةً وحضورًا. ومن هنا تبرز مسؤوليتنا في المضي قدمًا نحو ترسيخ أهمية المفردات العربية، بما تحمله من رقة وعذوبة، وقدرة فريدة على وصف المشاهد والمعاني بكلمة أو كلمتين، دون حاجة إلى استيراد الألفاظ أو تشويهها.
والاهتمام باللغة العربية لم يكن غائبًا عن رؤية المملكة 2030، فقد جاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ليضم كفاءات تسهم في إثراء المشهد اللغوي، كما تؤدي وزارة الثقافة أدوارًا جليلة في تهيئة الساحات والمراكز المعنية بالقراءة والمعرفة، ممثلةً في بيوت الثقافة، كمساحات تحتفي بمن آمن بأن (خير جليس في الزمان كتاب).
وبالعودة إلى مسميات المحلات التجارية، فإنها تُعدّ أحد أهم العناصر القادرة على الترويج للغة العربية ومفرداتها، فهي الواجهة الأولى التي تخاطب المتلقي، وتشكّل ذائقته اللغوية بشكل يومي دون أن يشعر.
واختيار مسمّى عربي أصيل لا يقتصر على كونه اسمًا تجاريًا فحسب، بل هو رسالة ثقافية تعكس الوعي بالهوية والاعتزاز بها، وتسهم في إعادة حضور اللغة العربية إلى تفاصيل حياتنا العامة ومن هنا، يصبح الاستثمار في الاسم العربي استثمارًا في الذاكرة، وفي الانتماء، وفي صورة حضارية تعبّر عنا كما نحن.. بعزّنا بطبعنا، وبأصالتنا التي لا تحتاج إلى ترجمة.