محمد الخيبري
في الوقت الذي تسابق فيه الرياضة السعودية الزمن لتحجز لنفسها مكاناً بين الصفوة عالمياً، وتحت ظل رؤية طموحة جعلت من «كرة القدم» واجهة حضارية واستثمارية للمملكة، صدم الشارع الرياضي بظهور قائمة سوداء من الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) تضم 15 نادياً سعودياً ممنوعاً من التسجيل.
هذه القائمة ليست مجرد أرقام، بل هي «صافرة إنذار» تكشف عن فجوة هائلة بين طموح القيادة وواقع الإدارة في بعض أنديتنا.
لقد حظيت الأندية السعودية بدعم سخي وغير مسبوق من الحكومة الرشيدة، شمل سداد مديونيات تاريخية كانت عالقة في دهاليز «الفيفا» لتنقية السجل الرياضي السعودي.. ولكن، أن تعود بعض الأندية مجدداً لمنصات العقوبات الدولية، فهذا لا يمكن تسميته إلا «هدراً مالياً» واستهتاراً بمقدرات وضعت بين أيدي إدارات لم تستوعب بعد أن زمن «الاجتهادات الشخصية» قد انتهى، وأننا اليوم في عصر الحوكمة والمساءلة.
كيف لنادٍ أن يبرم صفقات بملايين الريالات في «الميركاتو» الصيفي والشتوي الماضي، وهو يعلم يقيناً أن خلفه التزامات لم تسدد..؟ هذا التناقض يثبت أن العمل الإداري في هذه الأندية لا يتوافق إطلاقاً مع مستهدفات الرؤية التي تنشد الاستدامة والاحترافية الكاملة..
الاتحاد السعودي.. والصمت الذي يغذِّي تلك التجاوزات لا يمكن تبرئته ولجانه القانونية والفنية من هذا المشهد المخجل.. إن وصول العقوبة إلى مرحلة منع التسجيل يعني قانونياً أن هناك سلسلة من التحذيرات والمخاطبات التي أرسلها (FIFA) إلى الاتحاد المحلي وتجاهلتها الأندية أو لم يتم التعامل معها بحزم من قبل لجاننا المحلية.
إن التغاضي عن مخالفات الأندية وعدم تطبيق اللوائح الصارمة محلياً قبل وصولها للمستوى الدولي، هو الذي جعل هذه الأندية تتمادى في تعاقداتها دون اكتراث بالتبعات.
أين كانت اللجان القانونية؟ ولماذا سُمح لهذه الأندية بإبرام صفقات جديدة وهي غارقة في مستنقع القضايا..؟ إن هذا التهاون يسيء لسمعة الكرة السعودية ويضعنا في موقف المحرج أمام المنظمات الدولية، ويجعل من «الرقابة المحلية» مجرد حبر على ورق.
إن استمرار وجود 15 نادياً في قائمة الممنوعين من التسجيل هو دليل قاطع على وجود خلل بنيوي في الإدارة والرقابة. لا يمكن أن يستمر الدعم دون «مشرط» الجراح الذي يستأصل الإهمال الإداري.
المطلوب اليوم ليس مجرد سداد ديون، بل إيقاع عقوبات رادعة على المتسببين في هذا الهدر، وتفعيل دور لجان الاتحاد السعودي لتكون «حائط صد» يحمي رياضة الوطن من العبث الإداري، بدلاً من أن تكون جسراً يمر من فوقه المستهترون بالأنظمة.