أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
1/ لفحته الريح فهي لافح:
اللافح، اسم فاعل، وهو وصف للهوا والريح وسموم الحرّ، وورد في فقه اللغة للثعالبي، في قوله: (حَرٌّ لافح) ولم يزل هذا اللفظ مشهوراً في لهجاتنا المحكية إلى اليوم. وقد جاء في المعاجم عَرَضًا في مادة (روز) وهم ينقلون قول أبي النجم:
وألقتِ اللافحُ من حَرُورِها
ولم يذكروه في مادته (لفح) وله شاهد آخر في ديوان الطرماح 85، وهو قوله:
إذا أَلْجَأَ الحَرُّ عُفْوَ الظِّباءْ
بلَفْحِ سَمائمِهِ اللافحهْ
وفي المعاجم: أصابه لَفْحٌ من سموم وحرور. وروى ابن السكّيت (الألفاظ 280) عن الأصمعي قوله: ما كان من الحَرِّ فهو لَفْحٌ، وما كان من البَرْدِ فهو نَفْح. ولم تذكر المعاجم القديمة اللافح في هذا الجذر، فينبغي استدراكه.
2/ استأسنَ فلانٌ: أبطأ
جاء الفعل استأسن بمعنى أبطأ وتأخر، في نشوة الطرب لابن سعيد الأندلسي، وفيه: أن رجلاً قال للحارث بن ظالم المُرّيّ (ت 22ق هـ): «ما الفَتْكُ؟ قال: أن تَسْتَنْجِزَ ولا تَسْتَأسِنَ».
ولم يرد في المعاجم ذكر استأسنَ يستأسنُ، وذكر المحقق أنّ معناه في النصّ يستبطئ. قلت: وهذا المعنى مذكور في (تأسّن)، يقال: تأسّنَ الرجل عليَّ؛ أي: اعتلّ وأبطأ، فكأنّ يستأسن مشتق من مقلوب تأسّن.
وورد الفعل -أيضًا- في رحلة ابن بطوطة، في قوله: «وبعض تلك الأشجار قد استأسنَ داخلها واستنقع فيه ماء المطر»، ولكن استأسن هنا جاء بمعنى صار أسنًا، وفيه معنى الإبطاء.
3/ النَّوْب: ذكر النحل
قال الجوهري في (الصحاح (نوب 1/ 229): «والنُّوب أيضاً: النحل، وهو جمع نائب، مثل غائط وغُوْط، وفاره وفُرْه؛ لأنها ترعى وتنوب إلى مكانها» رواها بضم النون، وكذا في سائر المعاجم، ولم يذكروا النَّوْب بفتح النون، وجاءت لغة الفتح في معاني القرآن للفراء في قوله: «وقال الآخر:
إِذَا لسعته النحل لَمْ يَرْج لَسْعَهَا
وحَالَفَها فِي بيتِ نُوب عَوَامِلِ
يُقال: نَوْبٌ ونُوبٌ. ويُقال: أَوْب وأُوْب، من الرجوع. قال الفراء: والنُّوب ذكر النحل». (معاني القرآن 2/ 265) وعلّق عليه محقق (معاني القرآن 2/265 الحاشية 5) بقوله: «المعروف في كتب اللغة ضم النون، ولم أقف على فتحها للنحل، وكذا لم أقف على الأُوْب فيه».
قلت: ولم أقف في المعاجم على النَّوْب بالفتح في هذا المعنى، فليستدرك، فالفراء من رواة اللغة الثقات، وقد أخذ عن شيخه الكسائي الذي خرج إلى البادية ورجع وقد أنفد خمس عشرة قنينةً، حِبْرًا، في الكتابة عن العرب، سوى ما حفظ.