د. سطام بن عبدالله آل سعد
تسعى المملكة العربية السعودية دائمًا إلى وحدة الصف العربي والإسلامي؛ فموقفها ثابت، وسياساتها واضحة، وعملها متواصل هدفه حماية الأمن والاستقرار الإقليمي، ومنع المنطقة من الانزلاق إلى حالة تفتيت دائم. وتدرك المملكة أن هناك مشروعًا يسعى إلى تحويل المنطقة إلى شظايا دولٍ وشبه دول، وإلى صراعات صغيرة متوالدة، بما يفتح الباب لفوضى لا تنتهي، ويجعل كل أزمة قابلة للتغذية، وكل نزاع قابلًا للتوسيع، وكل تسوية مؤهلة للتأجيل.
وتُعدّ المملكة صمّام الأمان أمام أي تطورات تُهدّد وحدة الصف وتماسك الموقف العربي والإسلامي، عبر تقديم المصلحة المشتركة، والتحذير من الانقسام، واحتواء التوتر قبل أن يتحوّل إلى صراع؛ لأن تجارب المنطقة أثبتت أن أي فراغ في التوافق تُسارع إليه الأطراف الساعية للفوضى لتستثمره وتحوّله إلى واقع من الخصومات والقطيعة وتعطيل المصالح.
وليس خافيًا أن النزاعات لدى بعض الدول والأطراف تُعامل بوصفها «استثمارًا» طويل الأجل يقوم على كسر الإجماع وإضعاف المواقف المشتركة، ويخلق دائرةً لا تنتهي، تبدأ بالأسلحة التي تهدم الشراكات، وتنتهي بأزماتٍ تُطرح بديلًا عن المشاريع. ومن هنا تأتي أهمية موقف المملكة المنطلق من قناعةٍ بأن وحدة الصف هي خطُّ الدفاع الأول للأمن، ومعادلة ازدهار، وضمانة تمنع انتقال الفوضى من هامش صغير إلى كيان كامل.
هدف المملكة ترسيخ الحلول السياسية والسلمية وإبعاد المنطقة عن خيارات التصعيد، حرصًا على ألا تتحول الخلافات الطبيعية بين الدول والمكونات إلى خصومة وجودية تُهدّد الاستقرار. فخصوم وحدة الصف يراهنون على الزمن، ويعملون على توسيع سوء الفهم وزراعة الشك بين الأشقاء، وتحويل كل اختلاف إلى انقسام، وكل تباين في المصالح إلى قطيعة، وكل حالة توتر إلى بوابة نزاع مفتوح، بما يضع المنطقة في دوامة استنزاف تُضعف الدول، وتُرهق المجتمعات، وتُعطّل التنمية، وتفتح المجال لتدخلات لا تراعي مصالح الشعوب.
ومع نهاية عام 2025 وبداية عام جديد، فإن الحاجة ليست إلى خطاب عاطفي عن الوحدة بقدر ما هي إلى التزام عملي بها؛ على نحوٍ يجعل الكلمة العربية والإسلامية عند الأزمات كلمة تمنع الانهيار، وأن يبقى الخلاف بين الأشقاء تحت سقف البيت لا على أجندات الخارج، وأن يُغلق الباب أمام من يحاول تحويل المنطقة إلى فسيفساء صراعات بلا نهاية. فالاستقرار لا يُمنح مجانًا، بل هو خيار يُحمى بالوعي والاتفاق، ويُستثمر فيه بالصبر والعمل؛ والمملكة ثابتة في هذا المسار وتدعو الجميع إلى التمسك به، لأن البديل ليس إلاّ مزيدًا من الانقسام والاستنزاف وضياع الفرص.