فهد المطيويع
حضر الهلال بشكل لافت وقدم لاعبوه عرضًا كرويًا ممتعًا أمام الخليج افتقدناه طويلًا، خاصة مع بصمة إنزاغي الذي يبدو أنه يلعب دائمًا بعقلية الفوز مهما كان الأداء.
خمس وسبعون دقيقة من المتعة الخالصة، كنا خلالها نشاهد هلالًا مختلفًا، منظمًا، واثقًا، ومسيطرًا، حتى خيل لنا أن المباراة ستنتهي مبكرًا، وأن فريق الخليج قد سلم الراية منذ الشوط الأول.
لكن ما حدث بعد ذلك كان صادمًا. قرارات فنية غريبة، تغييرات غير مفهومة، وانقلب الأداء من متعة كروية إلى ارتباك وأخطاء بدائية لا نراها حتى في درجات أدنى. وكأن الفريق فقد هويته فجأة، وتحول من فريق يمتع إلى فريق يربك جماهيره.
أثبتت أول 75 دقيقة أن الهلال حين يحضر بروحه وشغفه، فهو فريق لا يجارى، لكنه في المقابل أثبت في الدقائق الأخيرة أن دكته تعاني، وأن بعض الأسماء الموجودة ليست سوى تكملة عدد لا أكثر.
الهلال يحتاج عمقًا حقيقيًا، يحتاج عناصر قادرة على الحفاظ على النسق العالي لا مجرد سد الفراغ. وبصراحة، الهلال اليوم بحاجة ماسة الى دكة يعتمد عليها وإلى مهاجم من الطراز الثقيل، مهاجم حاسم، أمام المرمى، ينهي المباريات مبكرًا ويريح الفريق ذهنيًا وبدنيًا. فالدوري لا يرحم، والمنافسة هذا الموسم تلعب على صفيح ساخن، ولا مجال لإهدار الفرص.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل إدارة الهلال تدرك حجم الخطر؟ وهل تعي أن تجاهل احتياجات الفريق خاصة الهجومية قد يكلفه الكثير؟ ما زالت في الذاكرة خسارة الآسيوية بسبب غياب ميتروفيتش، وكان من المفترض أن تكون تلك التجربة درسًا قاسيًا لا ينسى. لكن يبدو أن الدرس لم يستوعب بعد، وأن الرهان ما زال قائمًا على حلول مؤقتة وانتظار «صحوة» مهاجم أو مزاج لاعب.
الهلال لا يحتاج انتظارًا، بل قرارًا. لا يحتاج تجارب، بل حسمًا. فالجماهير الهلالية لا تطالب بالمستحيل، بل بفريق يليق بتاريخه، ويترجم تفوقه داخل الملعب إلى نتائج تحسم قبل أن تربك الأعصاب، حذاري أن تمر الشتوية دون حلول جذرية وتعاقدات مهمة فالوضع لا يحتمل التبريرات المعلبة.
نقطة آخر السطر
وفي خضم هذا المشهد، لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه بعض إعلام النصر، الذي اعتاد أن يردد صدى ما يتمناه لا ما يحدث فعليًا. يمدح حين تخدمه الظروف، ويهاجم ويستنكر عندما يشعر بالخطر. فقد كان من أكثر الأصوات دفاعًا عن جدولة الدوري في بدايته، وحين حصد منها ما أراد من نقاط ونتائج، عاد لينتقد الجدولة نفسها فور دخوله مرحلة المباريات الأصعب.
هي ازدواجية في الطرح، ومواقف تفصل حسب الحاجة، وما يثار اليوم من صخب وضجيج حول هذا الموضوع لا يخرج عن كونه تمهيدًا مبكرًا ومخرجًا احتياطيًا يستخدم عند الحاجة، تبريرًا لأي تعثر قادم. فالمشهد بات مكشوفًا ومعروف والرسائل باتت مكررة، والعارف لا يعرف.. وسلامة الفهم.