د. عيسى محمد العميري
شهد العالم في العام 2025 سلسلة من الأحداث المفصلية التي تركت آثارًا عميقة على التوازنات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأعادت تشكيل أولويات الدول ومسارات التعاون والصراع على حدّ سواء. وقد اتسم هذا العام بتداخل الأزمات الإقليمية مع التحولات الدولية الكبرى، ما جعل تأثيره ممتدًا إلى مختلف أنحاء العالم. فعلى الصعيد السياسي، شكَّّلت عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة حدثًا بالغ الأهمية، لما يحمله من دلالات على توجهات السياسة الأميركية داخليًا وخارجيًا. فقد أعادت الإدارة الجديدة طرح سياسات أكثر تشددًا في قضايا التجارة والهجرة، كما أثَّرت على علاقات واشنطن مع حلفائها التقليديين، وأعادت رسم ملامح التوازن في العلاقات مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا، الأمر الذي انعكس على الاستقرار السياسي العالمي. وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، كان لاستمرار الحرب في غزة وما رافقها من اتفاقات وتهدئات مؤقتة أثر كبير على المشهد الدولي. فقد أثارت هذه الأحداث موجة واسعة من ردود الفعل السياسية والإنسانية، ودفعت المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في آليات إدارة الصراعات، كما أسهمت في زيادة الضغوط على الاقتصاد العالمي بسبب اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة والنقل. كما امتدت التداعيات إلى لبنان، حيث أدت الهجمات والاغتيالات المتبادلة إلى زيادة حالة عدم الاستقرار الإقليمي. ولا ننسى هنا تأثيراً مهماً نتج عن سياسة إسرائيل التي أفضت إلى اعتراف عدد من الدول في العالم ومنها مؤثِّرة على الصعيد الدولي اعترافها بفلسطين دولة ذات كيان شأنها شأن الدول الأخرى في العالم. من ناحية أخرى فإنه وعلى الصعيد الاقتصادي فقد واجه العالم في 2025 تحديات متزايدة تمثَّلت في تباطؤ النمو العالمي وارتفاع معدلات التضخم في عدد من الدول، نتيجة استمرار الأزمات الجيوسياسية والتغيُّرات في أسواق الطاقة. وقد دفعت هذه الظروف العديد من الحكومات إلى تبني سياسات مالية أكثر حذرًا، وتعزيز الاعتماد على الاقتصاد المحلي، في حين سعت دول أخرى إلى توسيع شراكاتها الإقليمية لتخفيف آثار التقلّبات العالمية. وأما على الصعيد الاجتماعي، فقد تركت هذه الأحداث أثرًا واضحًا على المجتمعات، حيث تزايدت معدلات الهجرة والنزوح، وبرزت قضايا الأمن الغذائي والصحي كأولويات قصوى. كما ساهم التطور المتسارع في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تغيير أنماط العملوالتعليم، وفرض تحديات جديدة تتعلَّق بسوق الوظائف وحماية الخصوصية. وأما في الجانب الرياضي والثقافي، فشكَّلت البطولات الكبرى مثل كأس العرب في قطر مساحة جامعة خففت من حدة التوترات السياسية، وأسهمت في تعزيز التقارب بين الشعوب، مؤكدة أن الرياضة والثقافة لا تزالان جسرًا للتواصل في عالم مضطرب. وخلاصة القول، إن أحداث عام 2025 لم تكن مجرد وقائع عابرة، بل محطات مفصلية أعادت تشكيل موازين القوى، وفرضت على العالم واقعًا جديدًا يتطلّب تعاونًا دوليًا أوسع، ورؤى أكثر شمولية لمواجهة التحديات المشتركة وبناء مستقبل أكثر استقرارًا. والله الموفِّق.
** **
- كاتب كويتي