من القصيم أتى - في طرفه شُعَلُ |
وفي أناملهِ.. يستفحلُ الأملُ |
أتى - يجدّدُ ما أبلى الزمانُ، وما |
رانَ الغبارُ عليه.. فانتشى الطلَلُ |
أتى يشخّصُ في أذهاننا عللاً |
وفي يديه ندى، تُشفى به العللُ |
للراكضين مع الأوهام منطلقٌ |
يقولُ: تاهتْ بكم، واحتارتْ السُبلُ |
يقولُ: ردّوا.. فقد طال الهيامُ بكم |
وكلُّ أحلامكم أودى بها الفشلُ |
لا وحدةُ العرق قد لمّتْ قبائلكم |
ولا استقامتْ لدينٍ هذه الدولُ |
مشتتٌ أمركمْ - سبحان خالقكم |
وكلُّ ما عندكم إرثٌ - به خللُ |
لا حاضراً زاهراً تبني سواعدكم |
ولا احتفظتم بما قد شيّد الأوَلُ |
لا خير في أمةٍ تبني مفاخرها |
على مفاخر أجدادٍ - لها - رحلوا |
لا خيرَ في أمةٍ إنْ جاءَ ينقذها |
من وهمها مخلصٌ.. ينفى ويعتقلُ |
هذي رسالةُ (إبراهيم) يبعثها |
لقومه.. حين ساد الوهمُ والدجلُ |
لما رأى أمماً.. أقمارها سطعتْ |
وقومهُ في عباءات الدجى دخلوا |
لما رأى قومهُ رانَ الكسادُ على.. |
عقولهم، وتردّى - فيهمُ - البطلُ |
لما رأى قومهُ ناموا على سُرُرٍ |
مصنوعةٍ في بلاد الغرب، وابتهلوا |
لما رأى قومهُ في الحرب.. ما خرجوا |
من نار معركةٍ.. إلا وقد دخلوا |
هذي رسالة (إبراهيم) يرسلها |
لأمةٍ برزايا الجهلِ تحتفلُ |
(يا أمةً ضحكتْ من جهلها أممٌ) |
ولم يغادر حماها الفخرُ والخطلُ |
يا أمةً في سهوب الأرضِ تائهةً |
تتلو السراب، وفي أعضائها شللُ |
يا أمةً زرعتْ - فينا - بلادتها |
ولم تدعْ هذه الأقمارَ تشتعلُ |
يا أمةً حول قبر المجد جاثمةً |
وأهلها عن جديد المجد ما سألوا |
قومي لأبنائك الأحرار قائلةً: |
المجدُ ما صنعوا.. والمجدُ ما فعلوا |
إنَّ العلوم التي اغتالتْ براءتنا |
حشوٌ تمخضَ عنه العجزُ والمللُ |
عقولنا أعطبوها في طفولتها |
فلم تعدْ قدرةُ التفكير تحتملُ |
أرى العقولَ نمتْ في الغربِ واشتعلتْ |
وعندنا أفلتْ، والناسُ قد أفلوا |
أرى عقولاً تجلتْ في روائعها |
وأبدعتْ، وعقولُ القومِ تنسحلُ |
علمُ الكلام بلغنا فيه غايته |
يا أمةً غابَ في آفاقها العملُ |
حريةُ الفكرِ والتجديدِ مقفلةٌ |
أبوابها..، وإلى الأجيالِ لا تصلُ |
والنحلُ إنْ حُبستْ أسرابه خملتْ |
وكيف دون رحيقٍ يجتنى العسلُ..؟! |
وشاعرُ الحي منبوذٌ، ومحتقرٌ |
فالشعر ما ورثوا.. والفنُّ ما نقلوا |
وكلُّ من خالف الإجماعَ منحرفٌ |
فالعلمُ ما حفظوا.. والفكرُ ما عقلوا |
وكلُّ من ليس منهم كافرٌ، نجسٌ |
يرجو الشهادةَ في تمزيقه خبلُ..؟! |
هذا التعصبُ آذانا، وشوّهنا |
فكرٌ يحرفُ ما جاءتْ به الرسلُ |
يا أمتي..! كلنا في الهمِّ ما حملتْ |
حروفُ هذا الذي في الهمِّ يغتسلُ |
يا أمتي..! أنقذينا من خرافتهم |
فقد تناءى - بنا - التضليلُ والدّجلُ |
هذي رسالةُ (إبراهيم) أطلقها |
فلتسمعي صرخةً ألقى بها الرجلُ |