الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 1st May,2006 العدد : 151

الأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

المشري..الرواية الأخيرة وسجل المعاناة
* الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
رواية (المغزول) آخر أعمال الروائي الراحل عبدالعزيز مشري، وقد صدرت في طبعتها الأولى 2006م عن دار الكنوز الأدبية ببيروت، ويأتي هذا الاصدار في ذكرى مرور ست سنوات على رحيل كاتبها.
وتستشرف هذه الرواية على مدى أكثر من 223 صفحة الأنفاس الأخيرة للفتى (زاهر) وهو يقترب من حافة الفناء والموت، ولحظات الألم والمعاناة وهو يرى أن أعضاءه قد بترت الواحد تلو الآخر.. إلا أن الفتى (زاهر) بابتسامته التي تعلو محياه يتحدى المرض والعجز.. ويتحرر من جسده المادي المكبول بالوهن والضعف والآفة وينطلق نحو عالم اللامحدود، عالم اللاواعي يكتب لنا الفتى (زاهر المعلول) - وهو البطل الرئيسي والمحور الأساسي للنص - فلسفته في الحياة ويسقط على أحداثها ما تختزله ذاكرة هذا الفتى من ثقافة مكتسبة من محيطه المعرفي والاجتماعي، ويستدعي الفتى زاهر المعلول ذكريات الصبا مع جده، حيث لا ينسى (زاهر) أول ظرف استوجب منه الإقامة في مستشفى كان ذلك منذ ما يزيد على عشرين عاما حين أخذه جده محمولاً كالجرادة المنهكة من القرية البعيدة إلى المدينة الساحلية، وما أن كشف الأطباء مرضه المزمن في بدايته - كما تقول أحداث الرواية - حتى بكى جده وفرح هو لأنه سيغيب عن المدرسة.
كتب الشاعر علي الدميني مقدمة لهذه الرواية وأشار إلى أن عبدالعزيز مشري قبل أن يموت كتب وصية الغياب وتدرب على الاقتراب من حافة الموت والفناء، فأخبرنا عما يشبه العدم القابع خلف كل النهايات التراجيدية ويقول الأستاذ الدميني: كان آخر ما خطه قلم عبدالعزيز في هذا العمل - وأظنه خاتمة ما دونه في حياته - فقرة بالغة الدلالة لتوديع الحياة، حيث كتب عن بطل النص (زاهر): (لم يكن أحد قد منحه أدنى المسامع، وكان يصرخ وعندما جفت بلاعمه وشحب صوته.. جاءه ممرض النوبة الليلية غاضباً، وهو يردد بانجليزية أمريكية مضغوطة Don't use your voice Be quite Be Quite ثم حمله كحشرة بلا قدمين، ووضعه في السرير).
هذا ما حدث له - والكلام للدميني - في غيبوبته الطويلة في أمريكا، ولعل ذلك ما شعر به أيضا في غيبوبته النهائية في أحد مستشفيات مدينة جدة.
ويرى الدميني أن (المعزول) عنوان الرواية، كلمة تستخدم بلهجة منطقة الباحة الواقعة في الجزء الأعلى لجنوب المملكة وتعني المجنون وقد استخدمها الكاتب لبناء عمل سردي، كان قد بدأ في كتابته قبل رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال خاتمة عمليات البتر الجسدي التي اضطر لخوضها وأكملها بعد المجيء إلى الوطن، وكأنما أراد بهذا العمل أن يكون خلاصة تجربة حياة طويلة تعايش فيها مع أمراضه بل وقهرها جميعاً، بصلابة الإرادة وعمق البصيرة وشجاعة المواجهة.
قدم الشاعر علي الدميني من خلال مقدمة الرواية خلاصة تجربة الكاتب الراحل مع هذا النص ومعاناته مع الألم والمرض ويقول: استطاع الراوي في هذا العمل التغلب على عنف المرض، من خلال التعامل العقلاني معه فيقول (المشري): المرض المزمن يخاف من الابتسامة، وحب الناس وحب الحياة.. ويختتم الدميني مقدمته النقدية بقوله: هذا كتاب في هجاء التألم من الألم، ومديح للقوى الخفية في الإنسان واستنهاضها لتعينه على مواجهة قدره.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved