الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 1st May,2006 العدد : 151

الأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

بلابل العرب
صور لشعراء من الماضي

*عبداللّه أحمد الشباط:
من عيوبي المتأصلة أنني لا أبادر إلى رد التحية حين وصولها خصوصاً إذا كانت مصحوبة بمطبوعة لا إهمالاً ولا عدم اهتمام بمرسلها، وإنما لكثرة ما يحمله إلي صندوق البريد من الرسائل والمطبوعات، ومنذ ثلاث سنوات تلقيت رسالة كريمة من أخ عزيز هو الأستاذ عثمان محمد مليباري أيقظت ما غفا من الذكريات بعد أن أزاحت تراكمات الوقت الطويل (ما يزيد عن نصف قرن من الزمان) الذي لم يجر خلاله أي اتصال شفاهة أو كتابة، وفي عام 1423هـ تلقيت رسالة تحمل تاريخ 22-8-1423هـ مصحوبة بنسخة من كتاب (بلابل العرب صور الشعراء من الماضي القريب) تأليف الأستاذ عثمان مليباري في هذه الفترة من النسيان وقعت تلك الرسالة ومحتواها في يدي.
فأخذت أستعيد تلك الذكريات وأنا في غاية السرور والكتاب ليس دراسة الحياة وشعر هؤلاء الشعراء الأربعين الذين ضمتهم دفتاه، وإنما هو وقفات إعجاب وتذكر بأولئك الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية في فترة من الفترات ابتداء من الشاعر إبراهيم أمين فودة وانتهاء بالشاعر هاشم جامع الرفاعي مروراً بالشاعرة جليلة رضاء، وأن من يتسنى له تصفح هذا الكتاب سيجد أن الأستاذ المليباري قد جمع بين دفتي هذا الغلاف غالبية شعراء العربية المناضلين الذين غابوا عن الساحة في نهاية القرن العشرين.
يقف المؤلف أمام الشاعر لينتقي لك ما عطر من سيرته وجهاده، وما عذب من شعره في خيارات موفقة تدل على سلامة الذوق وحسن الاختيارات التي منها ما يعبر عن حب الوطن كما في قول إبراهيم بن فودة :
يا مصر كم أهواك إلا أنني
أهوى دياري فوق ما أهواك
أنا ما عشقت سواك بعد ربوعها
فإذا ذكرت ربوعها أنساك
ومن الشعر السياسي قول الشاعر إبراهيم طوقان مخاطباً أبناء فلسطين في ظل الحكم البريطاني :
يا رجال البلاد يا قادة
الأمة ماذا دهاكم ودهاها
هل لديكم سياسة غير هذا
القول(يحي) من النفوس قواها
صكت الالسن المسامع حتى
لقيت من ضجيجكم ماكفاها
عرف الناس والمنابر
والأقلام أقضا لكم فهاتوا سواها
والمعروف أن الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي شاعر غزل وهو الذي حظي بنقد لاذع من الدكتور طه حسين، وعندما قرأ الدكتور رد الشاعر إبراهيم على نقده كتب يقول : أني لم أحزن حينما رأيت الدكتور ناجي يعلن زهده في الشعر لأني قدرت أن الدكتور ناجي إن كان شاعرا حقاً يعود إلى الشعر راضياً أوكارها سواء قسوت عليه في النقد أو رفقت به، وإن لم يكن شاعراً فليس على الشعر بأس في أي ينصرف عنه، ويزهد فيه، وأنا منتظر أن يعود ناجي إلى جنة الشعر فإني أرى به استعدادا لا بأس به وطبعا أنا شخصياً لا أستطيع الوقوف أمام كل شاعر وبيان محاسنه وأضداده في الشعر غير أن سوف أختار الشاعرة الوحيدة بين أولئك الشعراء (جليلة رضا) وقبلها سأقف قليلاً مع أحمد الصافي التجفي الذي يعبر عن مأساته :
لقد تغربت حتى نسيت كل قريب
فإن رجعت لأهلي رجعت مثل الغريب
سلكت كل الدروب الفت كل الكروب
فغربة الدار داري والأهل صحب الدروب
أما شاعرة اللحن الباكي جليلة رضا فإنها ترى أن مباشرة العمل في الصباح هو مفتاح الأمل، والطريق إلى الانعتاق من الحاجة لذلك فهي تحثه على المبادرة :
أيها الطارق الحياة ملولاً
في صباح منعم الأوطار
قم تقدم وسر على الدرب حراً
ضاحك الوجه في سنا الأنوار
وامض في رحلة النهار نقياً
في شموخ وعزة واقتدار
واغز هذا النهار بالعمل
المتقن حتى تفوز بالإكبار
واغز هذا النهار بالأمل
الحلو ونور اليقين والأحرار
قم تقدم وسر على الدرب
حرا وتوكل على الإله الباري
وطبعا يصعب استعراض كل تلك الأصوات الشعرية التي برزت في النصف الأخير من القرن العشرين لأن الكلام يطول حول كل منها من الناحية الفنية والخصائص الإنسانية لكن أستطيع أن أستعرض بعض تلك المقدمات التي جعلها مدخلاً لحديثه عن كل واحد بما يميزه كقوله عن (شاعر لا يعرف الهجاء) اشتغل في بلادنا مهبط الوحي فترة من الزمن كمدرس للأدب العربي في كلية الشريعة بجامعة أم القرى سنة 1965م، ولم يقتصر بنشاطه على التدريس داخل أسوار الجامعة، وإنما امتد نشاطه الثقافي إلى خارج أسوارها لقد وقف على منبر الوحدة الثقافي في مكة المكرمة قبل 30 عاما معلقاً على محاضر ومشاركاً في ندوات الجامعة شأن العلماء الذين جندوا أنفسهم لخدمة قومهم وتوعية أهاليهم، كما أنه أمد مجلاتنا الثقافية بشتى المقالات ومختلف البحوث المبتسمة بغزارة العلم، وروعة البيان امتاز شاعرنا السوري الدكتور زكي شكري المحاسني المولود سنة 1909م بسجايا محمودة وسير صالحة فقد كان وفيا لأصدقائه ومحبا لمعارفه ومتواضعاً مع أقاربه).
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved