الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 1st May,2006 العدد : 151

الأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

أحوال المحارب القديم
*تأليف: الحسن بكري - الخرطوم: مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي 2005م
(أحوال المحارب القديم) رواية نالت جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في السودان.
تناولت الرواية - مكانيا - كل السودان رغم أن أحداثها الكبرى دارت بين الشرق ووسط النيل الأزرق ورجعت زمانيا لدولة الفونج واستعمار السودان واستقلاله كما تعرضت لمشكلة السودان المعاصرة. خلقت الحروب الأهلية في السودان ومارافقها من خوف وقمع وشتات، أحداث هذه الرواية، فقد ظلت الحروب تدور بلا هوادة ودون انقطاع لأجيال عديدة. و(هاجو)، الشخصية الرئيسية في الرواية، هو المحارب القديم الذي لم يحز على نياشين ولا أمجاد.
سُئل بكري عن شخصياته في هذه الرواية ولماذا هذا الحجم من التعقيد والتكوين حتى صارت أشبه بالرموز؟ فقال: أنا أحتفي بالسرد أيما احتفاء، أعتقد أن السرد قيمة في حد ذاته، ليست الأسطورة لديّ وحدة يتم توظيفها لغايات تتعلق بالتيمات أو الرموز، إنها غاية في ذاتها، فالإنسان بحسب وصف صديقي النور رحمة هو (صانع أساطير صغير)، من ناحية أخرى فإن الإنسان هو صنيعة أساطير صغيرة أيضا. يخلق السرد العظيم تيماته ومواضيعه العظيمة وليس العكس، تنطبق وجهة النظر هذه على الشخصيات أيضاً، بالنسبة إلي فإن الشخصيات لا تصنع الأحداث بقدر ما تصنع الأحداث الشخصيات.
طبعاً لا بد لكاتب اتخذ السرد حرفة أن ينظر في الموروث الهائل الذي أسسته أجيال من الروائيين الحاذقين عندما يتعلق الأمر بتصميم معمار الحكي وأساليب وتقنيات النص الروائي. كما ترى، فالشخصيات في (المحارب) يسحقها القلق والحيرة ويعصف بها العنف كما أنها تبتدع أصنافا ساحرة من علاقات المحبة والبغضاء، الإقدام والجبن، الصدق والرياء..
كما أن الغرابة والجنون مصير يلازم الشخصيات الرئيسة في (أحوال المحارب القديم)، ويبرر بكري ذلك بالواقع الثقافي والاجتماعي الذي عاشه وكتب من خلاله.
ظل الإحساس بالعجز والمهانة يراود المثقفين السودانيين بانتظام منذ الاستقلال حتى الآن، لقد خابت كل آمالنا في المساهمة في خلق واقع سياسي وتنموي معافى في وطننا، إذ بقي السودان أسير التخلف السياسي والاجتماعي وتوطدت بشكل مأساوي منظومة للحكم تتنقل بين الطائفية والدكتاتورية بينما أصبحت الحرب الأهلية مصيراً سرمدياً، لا فكاك منه.
في مثل هذا الواقع تصطنع شخصياتي أحوالها. تتقولب رواياتي على نحو ما داخل بنية التراجيديا في بعدها الدرامي الكلاسيكي المعروف، إنها تتمثل واقع السقوط السوداني السياسي والثقافي الداوي...
وتكشف الرواية من خلال أحداثها ومقولات أبطالها مصير هذا السياق الثقافي والحضاري الذي تمثله منطقة جنوب النيل الأزرق بوصفها حاضنا لأحد أهم الحضارات السودانية ومسرحا لمخيلة في غاية الفن والثراء قوامها حكايات وخرافات وعادات وتقاليد وأساطير تمثل خلاصة الذاكرة الإنسانية لإنسان تلك المنطقة التي تعج بالقبائل وبالتكوينات البشرية ذات المنشأ العرفي والثقافي المتمايز.
وأشارت لجنة المحكمين إلى أن الرواية هجرت الوصفية التسجيلية وغامرت بالرحيل صوب بقاع أخرى مجهولة وهي لم تتجاهل الواقع وأزماته ومرارته لكنها نفذت إلى ما ورائه.. إلى الطبقات التحتية التي أسهمت في تشكيله كما أنها انزاحت عن اللغة الاتصالية المنطقية العادية إلى لغة غنية باذخة الثراء عمرت بالجسارة وقد قامت هذه اللغة الثرية بحمل هذا العالم الروائي الغني على كتفيها باقتدار وامتازت اللغة بالسلامة النحوية.
وقد قام الروائي بتطويع لغته لبناء عالمه وفتح بعبقريته الفنية على الإمكانات النحوية الغنية للجميلة العربية.
وفي معرض منح الروائي بكري جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في السودان، أشارت لجنة المحكمين إلى أن الروائي أعاد إنتاج التاريخ بأسلوب تخييلي فعلى الرغم من أن أحداث النص تجرى قبل قرون خلت إلا أن هذا التاريخ ليس سوى استعارة كبرى انطلق منها الكاتب لإعادة إنتاج التاريخ المعاصر دون أن ينزلق في التقريرية وهذه المراوحة بين الماضي والحاضر بين الواقع واللاواقع هي التي منحت النص حيويته وفنيته أو فتحته صوب آفاق أوسع للتلقي وقد عكست الرواية استيعاب الروائي العميق للتاريخ السوداني ومفردات تراثه. تقع الرواية في (108) صفحات من القطع المتوسط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved