الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 1st September,2003 العدد : 27

الأثنين 4 ,رجب 1424

أربع روايات جديدة على طريق السرد
بلقيس تراود «الحميدان» و«الدويحي»وليل رتيب لـ«خال» وسقوطٌ قانٍ لـ«شحبي»
* الثقافية عبدالله السمطي:
«خُطفت وبيعت حبيبتي وعروسي غصباً عني وعنها، بسبب تلك المصالح لتتزوج رجلاً في مقام عمها الأكبر، وكان يكبرها بنصف قرن على أقل تقدير، وقيل: انه ليلة زفافه صعد بها إلى سطح إحدى عمائره الثلاث كناطحات السحاب وسط جدة يقبض بيدٍ على يد حبيبتي وعروسي المفقودة وفي يده الأخرى «منظار» مكبر ليتابع مع ضيوفه رحلة الرئيس «السادات» الشهيرة إلى القدس عبر البحر الأحمر وخليج العقبة إلى إسرائيل.. صمتَ صاحبي وصديقي الكنّاس القديم، ولم أكن بالرجل الذي ينبش القبور.. فقلت له بسكينة متناهية: رحم الله الجميع».
هذه هي السطور الأخيرة من الثلاثية الروائية التي سيصدرها القاص الروائي أحمد الدويحي قريباً في عنوان: «المكتوب مرة أخرى» وتنقسم إلى أجزاء ثلاثة هي: «الحدود، الدنيا الجميلة، أوراق تكتب في سيرة». وكان الجزء الأول قد صدر من قبل عن دار الكنوز الأدبية بيروت، لكن هذه المرة يصدر الدويحي أجزاء ثلاثيته دفعة واحدة.
ثلاثية الدويحي التي تقارب ال400 صفحة مخطوطة، تنتقل بين فضاءين: القرية والمدينة، في هذين الفضاءين تعتصر البطل أحداث ومواقف مختلفة، وتحولات تشي بما تكنزه الشخصية الساردة من تذكرات وتخيلات الدويحي، يرصد مع بطله الحالم دائماً، الكابوسي، المتقلب، المجنون، المغامر كما في الثلاثية تحولات عدة من زمن ما قبل الطفرة، وما بعدها، ويلوذ بالتاريخي والاجتماعي والسياسي ليقدم هذه المآسي الذاتية التي يدفعها الحدث الخارجي، والواقع الموبوء إلى استبطان الوعي، وتداخل الاسطوري والغرائبي والنفسي، إنها طبقات الذات التحتية لا طبقات الواقع فحسب، تعملُ على التساؤل، والاشتغال على مادة حديثة خام تبدأ بالصراع مع إسرائيل ولا تنتهي بغزو الولايات المتحدة وبريطانيا العراق.
إن بطل الثلاثية يظل يبحث عن «بطلة» لروايته فيجدها أو لا يجدها في: غادة الرسامة، والمذيعة شبيهة نادية لطفي، وزرقاء اليمامة، وبلقيس، وهو في أتون بحثه، هذا ينقل اختلافه المرحلي مع الأب: «قاطعني أبي بغضب قائلاً: أنت تريد حكاية تكتبها، وأنا أريد حكاية أورثها وفي أي نقطة نلتقي هي الواقع».
أجواء الثلاثية تحملُ همّاً باطنياً سورياليا في درجات ما من الوعي، وواقعياً في سيرة الحياة العربية، وذاتياً في مشاغل الذات الساردة، وهي أول رواية ترصد آثار غزو العراق واحتلاله على المواطن العربي، والسخرية المرة من واقع مأساوي. كما ينقل الدويحي في ثلاثيته هموم الوطن من خلال متابعته الدائمة لحالات مختلفة تحيا و«تعالج» في مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية. عالم جديد يقتحمه الدويحي ويقدمه بلغة شفافة ودالة.
حيطان الريح
بعد روايته «الغجرية والثعبان» الصادرة عن دار الهلال بالقاهرة العام الماضي، يصدر الروائي إبراهيم الناصر الحميدان رواية جديدة قريباً تحت عنوان: «حيطان الريح»، في هذه الرواية يعود الحميدان إلى الافق الرومانسي متخذاً من علاقة الحب المغامر بين بطلي الرواية «جابر وعطر» مهاداً لرصد تحولات، ومواقف، وحيوات، ووقائع.
وكعادة الروايات الأولى فإن الأجواء الحالمة، واللغة الصافية التي يستطرد فيها الراوي بشكل يذكرنا بروايات الاربعينيات والخمسينيات، هذه الأجواء التي يحتفي فيها الأبطال بالحلم والخيال المحلق، ووصف مواقيت الحب وأمكنته هي المهيمنة في القسم الأول من الرواية الذي استغرق اكثر من 80 صفحة، البطل من السعودية و«عطر» من القاهرة، وفي القاهرة والاسكندرية تدور احداث الرواية. في القسم الثاني الذي يبدو انه كُتب بفترة زمنية بعيدة عن القسم الأول لاختلاف لغة السرد وتميزها في الثاني عن الأول. في هذا القسم ينتقل الكاتب نقلة اسطورية تاريخية باستدعاء قصة النبي سليمان وبلقيس، ربما دون مبرر فني، سوى ان «عطر» تحب قصة بلقيس، ويركز الراوي على المواقف العاطفية في هذه القصة، متنقلاً في القسم الأخير إلى نقد الواقع الاجتماعي والسياسي أيضاً من دون مبرر فني داخل الرواية، لأن انشغال بطلي الرواية كان عاطفياً في المحل الأول، ولم يبد منهما أي موقف من تحولات الواقع أو ظواهره السياسية.
عن هذه الرواية يقول الحميدان: «اعترف بأنني وجدتُ مشقة كبيرة في تأطير أحداث هذا العمل وربطها ببعضها، لان اختلاف البيئة بين أبطالها جعل هناك مسافة زمنية تفصل بينها لنحشد تداعياتها، كما ان عالمها واضح الاختلاف والتوجه، وبالتالي جاءت الرؤية تحملُ هذا القدر من التباعد الفكري وتعدد الأصوات».
ويضيف الحميدان سارداً حكاية واقعية: «لقد استفدت كثيراً من أحد الزملاء، قابلته في احد المنحنيات من جبل يحيط بقريتنا، سألته وقد بدا لي يلهث ماذا بك؟ أجاب وقلبه يخفق: لقد هبطتُ الآن من مرصدي في أعلى الجبل، سألته: وماذا تفعل هناك: قال: في الأعلى كهف صغير اتخذته مرصداً لي، فمن هناك وبالتحديد عند الفجر، اقف خارجه لأرقب ما يجري».
وعن شخصية عطر التي تحب بلقيس يقول الحميدان: «لقد تجولتُ في عالم عطر المليء بالألغاز، ولا سيما انصهارها في دنيا العصور السالفة وتحديداً في عهد بلقيس ملكة اليمن ومعشوقة الملك سليمان».
تقع رواية الحميدان في 197 صفحة مطبوعة، وهي قيد النشر، وفي هذه الصفحات نتمثل خطاباً سردياً يلوذ في أوائله باللغة الرومانسية والتعبيرات السردية التي ربما يغلب عليها التقليد، ثم فجأة ننتقل إلى لغة سرد حقيقية متوترة متسائلة بدءاً من القسم الثاني وحتى نهاية الرواية رغم الاطالة في سرد قصة سليمان وبلقيس.
وفيما يصدر الكاتب عبده خال رواية «ليل رتيب» بعد روايته الأخيرة «الطين» لنقف حيال خمس روايات للكاتب، يُصدر قريباً الكاتب إبراهيم شحبي روايته الثانية: «السقوط القاني» بعد ان صدرت له من قبل رواية «انثى تشطر القبيلة»، وعن الرواية الثانية التي فازت بجائزة أبها الثقافية لهذا العام، يقول شحبي: «تدور فكرة الرواية حول فتاة يجرها العيش من القرية إلى المدينة، وتمارس الرذيلة بشكل كثيف عن طريق شاب مدمن مخدرات حيث يجرها أيضاً إلى عالم المخدرات، ومن ثم أنجبت طفلاً غير شرعي، وبدأت تختفي عن الأنظار مدة 3 سنوات، كما اختفى أبوه في غياهب السجن ومات.. بعد ذلك وبمرور السنوات يكبر الابن ويتحول إلى مدمن مخدرات ويموت.. ويضيف شحبي: «تجري أحداث الرواية بشكل متخيل يستبق الزمن حيث تجري أحداثها في العام 2025م.. وليس بعيداً عن الرواية يرى شحبي ان على النقد ان يواكب الأعمال الإبداعية وان يلتفت إليها قارئاً لها ومحللا إياها كي يحدث ذلك نوعاً من الحيوية في المشهد الأدبي. هكذا، فإن فتح الأدراج الحافلة بالأعمال الروائية سوف يثري الساحة بلا شك، بهذا الفن السردي المتنوع، وهكذا تمضي الرواية بالسعودية قدماً إلى الأمام على الصعيد الكمي، وربما يكون الصعيد الفني أحد المثل المهمة التي قد تتمخض عن سيرورة هذا النوع الأدبي الفاتن.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved