في تلك قرية الجنوبية التي لا يغادرها الضباب إلا أياماً من عام وربما ساعات من يوم (بيضان) أبصره الإبداع والركض.. فراح يطاول بقامته النحيلة قامات (العرعر) علواً.. ومساحات (الحبل) انتشاراً.. تزهوه كتل الضباب المكتنزة برائحة الشيح والريحان.. مثلما تنضح جبينه القروي زخات المطر الآسنة..
تعلم وعلم.. وقرأ فارتقى.. ثم كتب فسال قلماً نزيهاً أصيلاً.. تتلمذ على فكره ونثره أساتذة جيل وأسماء مرحلة.. ليس بوسع الرجال الذين جادت الأقدار عليهم بمجايلته إلا أن يذكروه مجداً فيشكروه أبداً..
إنه الأستاذ سابقاً والدكتور مؤخراً عبدالله أحمد غريب.. صديقنا القروي الاصيل الذي يرقد حالياً هنا في الرياض..على بعد أمتار منا في مستشفى الملك فيصل التخصصي.. إذ يعاوده المرض على فترات متتابعة.. ليحقن أوردته بالمحاليل الكيميائية.. في حرب ضروس مع المرض.. شفاه الله منه وعافاه وأمده بالصحة والسلامة.. وأعاده لنامستذكراً أزمنة الضياء.. وحكايات الضباب.. بروحه المحلقة وبشاشته المتجذرة وكرمه الممتد.. بقلوب ملؤها الصدق والرجاء نبتهل إلى الله الكريم أن يغسل من جسده المرض.. وأن يمنح (أبو أحمد) الشفاء والصحة.. وأن يجزل له الأجر والمثوبة.